"أبدًا تسترد ما تهب الدنيا .. فيا ليت جودها كان بُخلا"


نايف محمد الحاج


بيت الشعر هذا معبر الى ابعد الحدود عن فقدان انسان عزيز وغالٍ على قلوبنا، ويكفي ان نقول ان قائله هو شاعرنا العبقري المتنبي في رثاء اخت سيف الدولة لما لهذا البيت، أي بيت سيف الدولة، من معزة ومودة على قلب ووجدان شاعرنا المتنبي، وفي هذا البيت من الشعر اراد ان يظهر لنا المتنبي اثر الحياة والموت على نفسية الانسان، فالحياة هي العمل لملء الفراغ أي القيام بواجبات الحياة في شتى مجالاتها الاجتماعية والسياسية والدينية، اما الموت فهو الفراغ في كل مجالات الحياة الاجتماعية والسياسية والدينية، ففراق اخت سيف الدولة ترك فراغا ليس فقط على بيت سيف الدولة وحده بل ايضا على مجتمعها كله، فهذا الانسان الذي وهبتنا اياه الدنيا واخذته منا كنا نتمنى لو بقي معنا الى الابد ولم نذرف الدمع ونتألم على فراقه، لان فراقه سيلازمنا مثل ظلنا طالما حيينا، وفي كل خطوة نخطوها في حياتنا سنتذكره وسيدب الالم والحسرة في نفوسنا.
في حقيقة الامر لم اجد عنوانا معبرًا وعميقا لاعبر فيه عن مشاعري تجاه هذا القائد الرمز توفيق طوبي افضل من بيت الشعر هذا، لان فيه تعظيمًا من شأن الانسان الفقيد، وفعلا قائدنا ورمزنا ورفيقنا توفيق طوبي يستحق كل هذا التعظيم لما قام به من خدمات جليلة وخالدة تجاه شعبه اولا ومن ثم حزبه ثانيا، ويكفيه فخرا وشرفا هو وعائلته وحزبه انه فضح مجزرة كفر قاسم بكل تفاصيلها وآلامها للرأي العام المحلي والعالمي، فقائدنا توفيق طوبي منذ ان اشتد عوده واصلبّ وضع نصب عينيه حقوق شعبه وخط حزبه، ومن شعبه استمد قوته وجرأته في مواجهة الظلم والظالمين في شتى المنابر المحلية والعالمية، فلذلك نلاحظ ان توفيق طوبي في كل حياته الكفاحية الطويلة لم يحد قيد انملة عن خط حزبه وخط شعبه وبقي وفيا ومخلصا لهما حتى الرمق الاخير من عمره.
لقد كتبوا وسيكتبون الكثير والكثير عن قائدنا ورفيقنا توفيق طوبي وعن قادة حزبنا وشعبنا، وكلما كتبوا عنهم اكثر سنعرف كم كان وجودهم مهما بيننا وسنشعر بالفراغ الذي تركوه برحيلهم، فالحياة مهما تدور وتلف ومهما تقصر وتطول الا ان لكل انسان دورًا يقوم به في هذه الدنيا كبيرا كان ام صغيرا، صالحا ام سيئا، نافعا ام ضارا، لذلك لا يستطيع أي انسان ان يسد او يحل مكان انسان آخر ومثال على ذلك القائد الخالد جمال عبد الناصر فمنذ ان توفي الى يومنا هذا لم تنجب مصر ولا امتنا العربية كلها قائدا يحل يستطيع ان يحل محله او قائد يملأ الفراغ الذي تركه بفراقه، وهذا ايضا ينطبق على قادة حزبنا وشعبنا، فكل واحد منهم قام بدوره في هذه الحياة ان كان في الادب او الشعر او السياسة او الاقتصاد، ولن يستطيع أي واحد منا من هذا الجيل او من الاجيال القادمة ان يحل محل أي واحد منهم، لان الاختلاف بين الاشخاص موجود في ذات كل منهم، فلكل انسان طابعه الخاص به، ولكل انسان ميزاته التي يتحلى بها، ولكل انسان تكوين شخصية يختلف عن الآخر، فهذه الشخصية الفذة والمميزة التي اسمها توفيق طوبي والذي وهبتنا اياه الدنيا واخذته منا كم كنا نتمنى لو بقي معنا الى الابد حتى لا نتألم ونحزن على فراقه.
لكن بالرغم من كل ذلك فحياته وحياة قادة حزبنا وشعبنا كانت وستبقى بمثابة بطولة ومأثرة لاجيال واجيال.

 


(كفر ياسيف)

الأربعاء 23/3/2011


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع