القائدان الراحلان توفيق طوبي وتوفيق زيّاد
*لقد رحل أحد أبرز رموز المؤسسين للحركة الشيوعية في فلسطين*
برحيل القائد الكبير الرفيق توفيق طوبي يكون قد رحل أحد أبرز رموز المؤسسين من كوكبة العمالقة الذين عبّدوا الطريق، طريق الكفاح المثابر، طريق الانسانية التقدمية، طريق الوطنية الصادقة طريق الأممية، طريق الشيوعية في فلسطين.
ان الرفيق توفيق طوبي لم يكن مجرد واحد من هذه الكوكبة الشجاعة بل كان أحد القادة البارزين الذي له بصماته الخاصة على مختلف الأحداث والمعارك الكفاحية التي خاضتها جماهيرنا العربية في هذه البلاد ضد سياسة الحكم العسكري وسياسة سلب الأراضي وسياسة التمييز العنصري الذي انتهجه حكام اسرائيل ضد جماهيرنا العربية.
إن توفيق طوبي كان دائما صاحب المهمات الصعبة والخطيرة. لقد كان اول من اخترق الحصار الذي فرض على كفرقاسم مع رفيق دربه الرفيق ماير فلنر من اجل فضح وكشف المذبحة المروعة والبشعة التي ارتكبتها السلطات الاسرائيلية ضد جماهير شعبنا في كفرقاسم ابان العدوان الثلاثي الغاشم على الشعب المصري الشقيق بعد ان اعلن القائد الخالد جمال عبد الناصر عن تأميم قناة السويس المصرية. وكان قد فضح هذا العدوان الاجرامي في داخل البرلمان الاسرائيلي وأمام العالم أجمع وبذلك فضح سياسة حكام اسرائيل العدوانية والعنصرية وسياسة التمييز القومي الذي يتبعه حكام هذه البلاد ضد جماهيرنا العربية.
وكذلك دخول الرفيق توفيق طوبي الى ام الفحم بعد احداث اول ايار في الناصرة سنة 1958 بالرغم من الطوق الذي كان مفروضا على ام الفحم والطوق الذي فرض حول ساحة الاجتماع الشعبي الذي دعا اليه فرع الحزب الشيوعي في ام الفحم الامر الذي اذهل قوات الشرطة عندما سمعت صوته يجلجل في هذا الاجتماع ولم تعرف كيف دخل ووصل الى هناك ونتيجة لذلك قامت هذه القوات باخراجه بالقوة من ساحة الاجتماع بالرغم من تمتعه بالحصانة البرلمانية، ونتيجة لهذا هرعت جماهير ام الفحم بالدفاع عن حقها بالتظاهر وجرى صدام مع قوات الشرطة الامر الذي ادى الى اعتقال العديد من الرفاق والاصدقاء في ام الفحم في ذلك الوقت.
في سنة 1965 كان يجب ان يكون مؤتمر للدفاع عن الاراضي في قرى الشاغور ولكن السلطات الاسرائيلية اعلنت عن اغلاق تلك المنطقة وكان الرفيق توفيق طوبي قد حضر الى هناك ولكن قوات الشرطة قد منعته من دخول تلك المنطقة وبعد منعه توجه الى عرابة وكنا في انتظاره عدد من الرفاق والاصدقاء وفي مدخل عرابة اعترضته قوة من الشرطة وقام الرفيق باستنكار هذا الاجراء الاستفزازي فقال له ضابط الشرطة "انت تحرض ضد الدولة" فأجابه الرفيق توفيق طوبي انه فقط الحمار يقول ذلك.
لقد عرفته ساحات وجماهير عرابة البطوف ومختلف مدننا وقرانا خطيبا شجاعا ومجندا للجماهير وبشكل خاص في ظل الظروف الصعبة التي كانت تمر بها جماهيرنا العربية في هذه البلاد، من اجل رفع معنويات هذه الجماهير وضرورة ان تكون دائما على استعداد لمجابهة حكام اسرائيل العنصرية والعدوانية.
لقد تحمل هذا القائد الخالد الكثير من المهام الصعبة في مواجهة السياسة العنصرية وسياسة الاضطهاد القومي والحكم العسكري الذي مارسته وما زالت تمارسه حكومات اسرائيل المتعاقبة ضد جماهير شعبنا.
ان الرفيق توفيق طوبي كان البوصلة الثورية للتنظيم الحزبي، ولذلك لم يكن صدفة انه كان لسنوات طويلة هو المركز لعمل سكرتارية اللجنة المركزية للحزب الشيوعي، هذه الهيئة التي تعتبر العصب التنظيمي للحزب والتي تتحمل الدور الاساسي للمحافظة على مبدئية التنظيم الحزبي في مختلف المناطق والفروع الحزبية.
لقد كان لي شرف العمل الى جانب هذا الرفيق وبقيادته وقد عرفت فيه هدوءه المتميز وأسلوبه الخاص في الاصغاء للرفاق، كل الرفاق الذين كانوا يتوجهون اليه بمختلف القضايا التنظيمية والسياسية وكيفية البت فيها وحسمها بمبدئية صادقة. لقد آمن ايمانا مطلقا بالعمل اليهودي العربي المشترك، ومن خلال عملي معه تعلمت الكثير منه وما زلت اتعلم من ارثه الخالد، انا وجيلي كله والاجيال الحالية وحتما الاجيال التي ستأتي بعدنا ايضا، لقد تعلمنا منه ومن رفاقه الاوائل الصمود والمثابرة في العمل مهما كانت المصاعب التي تواجهنا، وسنبقى نتعلم من هذا الارث الخالد الذي لا يشيخ.
في الواقع مهما كتبنا ومهما قلنا لا يمكن ان نفي هذا الانسان الكبير حقه لانه كان قائدا متميزا في هدوءه وصلابته ومبدئيته الصادقة ومجابهته بكل شجاعة واخلاص لكل انواع الظلم لانه كان امميا بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى انساني.
ان الطريق الذي عبده هو ورفاقه الاوائل سنعمل وبكل اخلاص نحن والاجيال الحالية والقادمة من الشيوعيين والجبهويين وكل الوطنيين الصادقين على صيانته وتطويره بالاعتماد على النظرية الماركسية اللينينية وعلى ارثهم الكبير والواسع هذا الارث الذي اثبت التاريخ صدقه وصحته.
لقد رحل هذا القائد العملاق عنا جسدا ولكن ذكراه الطيبة ستبقى دائما خالدة في وجداننا، وأبدا على هذا الطريق المشرف طريق الاممية طريق الشيوعية الخلاقة.
(عرابة البطوف)
السبت 19/3/2011