لقد تم ادارة حكم مصر منذ سنة 1974 في حقبة السادات سيئة الذكر والسيرة بموجب برنامج امريكي الصنع والتنفيذ والضبط، الذي انجب الدستور الفعلي لمصر. وكان الهدف الرئيسي منه تفكيك مصر من الداخل وعزلها عن الامة العربية ودورها الريادي المقاوم للاستعمار والهيمنة،واستبدالها بمصر اخرى غير راغبة بمواجهة اسرائيل وغير قادرة مستقبلا ان هي رغبت بعد ان انجزت الانتصار العسكري في حرب اكتوبر 1973. فأمن اسرائيل هو الفلسفة والغاية الاهم التي من اجلها تم صنع "مصر الجديدة" على الطريقة الامريكية ورهنت سيناء بايدي القوات المتعددة الجنسيات التي هي في الحقيقة قوات ردع امريكية، وتم تصفية القطاع العام لما كان له من دور مركزي واقتصادي ضخم ومهم والذي موّل الحرب والنصر في اكتوبر 1973. فباعوه وخصخصوه بسياسة الانفتاح الاقتصادية الساداتية سنة 1979 بناء على قرار صادر من وزارة الخارجية الامريكية واستعد بخططه صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وهيئة المعونة الامريكية لوضع آليات الضغط والتنفيذ لاتمام المهمة، واستبدل دور القطاع العام في دعم المجهود الحربي بمعونة عسكرية امريكية سنوية لمصر مقدارها 1,3 مليار دولار مقابل 2,4 مليار دولار لاسرائيل.فضمنوا ضبط الميزان العسكري لصالح اسرائيل، وضمان تفوقها العسكري، والتحكم من خلال الخبراء وقطع الغياربالقدرة العسكرية للجيش المصري.مشروع الهيمنة الامريكية نظم الحياة السياسية على هوى برنامجه في مصر فرسم الخطوط الحمراء والخضراء، وحدد معايير الشرعية والمسموح له بالعمل السياسي والمشاركة في النظام من الحكومة والمعارضة، واصبح الشرط الامريكي الاساسي بل الوحيد لحق اي مصري في ممارسة العمل السياسي، مشروطا بالاعتراف باسرائيل وحقها في الوجود، والقبول بالسلام والتعايش معه.
فأقيم الحزب الوطني شماعة السياسة الامريكية المرسومة الذي استأثر بالسلطة كنظام حزبي صوري، والمهم التزامه بالسلام كخيار استراتيجي، حتى غدا مصطلح السلام في مصر الاسم الحركي لامن اسرائيل.فمنعوا النشاط والعمل السياسي في الجامعات المصرية بسبب ما كان للحركات الطلابية من تأثير في حينها بين سنوات 1071-1973 على السادات في تعجيل شن الحرب على اسرائيل ودورهم في انتصار الحرب وما للحركة الطلابية من دور في تربية واعداد وصناعة اجيال وطنية تعادي سياسة امريكا واسرائيل، ووضعوا السلطة في يد رجل واحد رئيس الجمهورية ويحكم البلاد الى ان يموت ويفعل ما يريد هو وحاشيته ويبطش بلا هوادة بكل معارضيه، ولتعزبز ذلك لا بد من مجموعات داعمة ومساندة لتتبنى هذا المخطط والمنهاج والمشروع فاستحدثت امريكا طبقة رأسمالية تابعة لها وصديقة اسرائيل مع استبعاد باقي الشعب واستنزافه، وتدافع عن السلام المزعوم والتبعية الامريكية وترتبط مصالحها معا بروابط التوكيلات والتجارة "والبيزنيس" تم تصنيعها باموال المعونة الاقتصادية الامريكية البالغة 800 مليون دولار امريكي مدوّر على البيكار، منذ سنة 1975 بالتعاقد مع مئات الافراد والشركات على مئات المشروعات وبالتسهيلات الاقتصادية المطلوبة. حتى اصبحت هذه " الطبقة" (طبقة المصريين الامريكان) تملك مصر وتديرها وتعقد اتفاقيات البترول والغازوالسياحة مع اسرائيل. وتمتلك الصحف والقنوات الفضائية والجمعيات الاهلية وتطرق ابواب امريكا بالبعثات الخاصة من اجل صون العلاقات وعقد الصفقات وتسجيل التعليمات، واستبعاد الشعب المصري عن ثروته ومحاصرته بالحرمان والشقاء المستمر المدمر والفقر واليأس والبطالة والظلم والقمع والخوف،بعد ان تخلت الدولة المصرية عن قيادة برنامج تنمية بلادها بأمر من امريكا ومؤسساتها الاقتصادية الدولية وانفردوا بمصر ومقدراتها ومصيرها. فعزلت مصر عن الامة العربية والاسلامية وتم ضرب اي عقيدة او اي ايديولوجية تعادي المشروع الامريكي الصهيوني. وتم وضع الاساس القانوني لهذا الامر في المادة السادسة من معاهدة السلام التي نصت بصراحة باولوية هذه المعاهدة عن اي التزامات مصرية سابقة عليها. وبالذات اتفاقية الدفاع العربي المشترك، وعدم دخول مصر بالتزامات جديدة تتناقض والاتفاقية وتم تشكيل "جيش" من المفكرين والكتاب والصحفيين والاعلاميين بمهمة الردح والمدح ورفض كل ما هو عربي او تقدمي وطني او اسلامي يطرح. لتجريد مصرمن هويتها التاريخية الحضارية العربية الاسلامية كمطالبة توفيق الحكيم بحياد مصر كسويسرا في الشرق الاوسط، ولويس عوض وحسين فوزي الذين نادوا بالعودة الفرعونية لمصر، وتصدى لهم حينذاك نخبة شريفة من الكتاب الوطنيين احمد بهاء الدين ورجاء النقاش. هذه "الطبقة" لم تستسلم وتهدد الثورة بثورة مضادة فلا يكفي ان الشعب يريد اسقاط النظام وحرية التعبير لا تكفي... بل التغيير...يريد تغيير جوهر النظام حتى تصاب امريكا بالذعر والصدمة المستمرة المفاجئة لها ولاسرائيل بانتفاضات الشعوب العربية التي ان آجلا ام عاجلا منتصرة حتما.
*على المتابعة ان تبادر*
لا ننتظر دعم احد لا من القذافي ولا من قطر لان هذا الدعم اولى به شعوب هذه الدول حتى نبني مؤسساتنا علينا بدعم جماهيرنا فهي التي ستحمي هذا المشروع الوطني الهام.. بمالها ودعمها وقناعتها فشاقل من عامل بسيط عربي فلسطيني من شعبنا الصامد في مدى وطنه اشرف وافضل من ملايين مشوهة بالنفاق العربي والامريكي لانه في النهاية سيشعر هذا العامل بالعتزاز انه يبني مشروعه الوطني ويبني مؤسساته الوطنية عندها يكون على استعداد الدفاع عنها بكل ما يملك لانها غدت جزءا من قيمة عرقه وعمله وكدحه البروليتاري المقدس.
اما الخطوات المطلوبة كاقتراح اولي ويمكن اخذها كمبادرات عملية مختصرة تدرس لاحقا بتعمق كخطة عملية مكملة للتصور الاستراتيجي للجماهير العربية ومنها باختصار : شاقل عن كل مواطن عربي تدفع كل سنة لدعم نشاطات وفعاليات ومشاريع لجنة المتابعة العليا ويقام " صندوق الارض " كصندوق خاص لدعم معركة الدفاع اولا عن الوجود ومعركة البقاء المستمرة والمحافظة على الارض العربية وحمايتها من المصادرة او البيع لقوى مشبوهة من اجل اقامة المستوطنات او نقلها لايدٍ استيطانية كبديل استراتيجي قادم للمستوطنات في المناطق المحتلة.
مقاطعة الشركات واجبارها على تشغيل عرب او اعلان اسابيع مقاطعة كمرحلة اولى مثل شركة الكهرباء وشركات الهواتف وليكن يوم او اكثر بدون كهرباء او اتصالات.
البدء والمبادرة لاقامة المتحف الوطني الفلسطيني لشعبنا في البلاد توثق فيه الذاكرة الشعبية قبل ضياعها، وتوثق "النكبة" التي حلت بشعبنا فلا يخلو اي بيت من بيوت شعبنا من احداث وقصص التهجير والتشريد واللجوء التي مارستها الحركة الصهيونية ضدنا ومارستها حكومات اسرائيل المتعاقبة كمنهاج لسياستها التمييزية العنصرية.
مبادرات لفرض مشاريع تنموية في مجتمعنا العربي على شركات تحتكر سوقا معينا لمنتجاتها بين شعبنا والامثلة كثيرة ومنها : شركة "كوكا كولا" وانواع الدخان الامريكي وعلى رأسها "مالبرو" وكمنتجات امريكية نفسية المقاطعة موجودة ضدها بسبب مواقف امريكا الازدواجية والمنحازة لسياسة اسرائيل الاستيطانية العنصرية. وكذلك شركات اسرائيلية مثل شركة "تنوفا" " وشتراوس " اللتين تسيطران على مجال صناعة الاغذية والمشروبات من منتجات الحليب والبيض والالبان وآه على ايام زمان اللبن البلدي والحليب الطبيعي والبيض البلدي. وغيرها وغيرها في جميع المجالات التي يمكن اجبارها على تقديم ضريبة تنمية لجماهيرنا بسبب احتكارها لسوقنا المحلية. بعد ان عملت وتعمل السلطة على تفريغ قرانا ومدننا من الصناعات وافتقارها للمناطق الصناعية وعدم تصنيعها لحاجة في نفس يعقوب.
هكذا بامكاننا ان نتصرف كشعب صاحب بلاد واصلاني وصاحب قضية.. والدعوة من اجل اقامة هيئة تخطيط استراتيجي لوضع الاسس التنظيمية والتعبوية لهذه الاقتراحات العملية.. تتشكل من مختصين مهنيين وشخصيات اجتماعية لها تأثيرها النوعي على جماهيرنا العربية لانجاح المشاريع المقترحة.. وبهذا نكون حققنا اول الشعارات في مشروعنا الوطني.. لا للتبعية الاقتصادية او الفكرية الثقافية.
*طريقنا عادل.. نضالنا سينجح*
من اقوال الرفيق الراحل والخالد ابدا توفيق طوبي:
"إننا مدعوون الى اليقظة، وندعو الجماهير العربية الى توحيد الصفوف، والتعاون مع القوى اليهودية والاستمرار في الوقوف الى جانب الحزب الشيوعي، في نضله العادل.
إن المحاولات المشتركة من قبل قيادة المعراخ واوساط الحكم لاقامة حزب "عربي" او احياء تنظيمات عميلة مذدنبة للسلطة، بين اوساط الجماهير العربية، هذه المحاولات ليست جديدة ابدا، إن هدفها الواضح هو تقسيم الجماهير العربية، والمس بالتأييد الجماهيري المتسع من قبل هذه الجماهير للحزب الشيوعي والجبهة الدمقراطية. الجماهير العربية في دولة اسرائيل خبرت ظواهر كثيرة، لشخصيات وفئات مختلفة، مبعوثة مباشرة من قبل سلطات الاضطهاد القومي، وآخرون ايضا تغلفوا بالقومية و "الثورية" الكلامية والديماغوغية التي لا رصيد لها، ولا رابط يربطها بمصالح الجماهير العربية في اسرائيل. او الشعب العربي الفلسطيني. وبمرور الزمن، عرفت الجماهير العربية كيف تميز جيدا بين الكمائن المنصوبة تحت ارجلها، وعرفت الالتصاق بثقة الحزب الشيوعي الاسرائيلي. حزبنا كان وسيبقى دائما، اهلا لهذه الثقة الغالية.
خلال 60 عاما، عبر حزبنا طريقا صعبا، ولكنه مجيد. اكثر من مرة قام معترضون انتهازيون انهزاميون، الذين تقهقروا امام ضغط الايديولوجية الصهيونية والشوفينية، والذين تعبوا من الكفاح الصعب – محاولين حرف الحزب عن طريقه الثوري.
غير ان الحزب والشيوعيين المخلصين للماركسية- اللينينية وللاممية البروليتارية ولوحدة الحزب اليهودية – العربية – وقفوا بالمرصاد، وتغلبوا على المصاعب والعقبات، ورفعوا عاليا علم الحزب الشيوعي الذي لا يقهر.
إن منظمات الحزب تعمل في 80 مدينة وقرية في البلاد. ويقف الى يمين الحزب الشيوعي، حركة شبابية كبيرة – اتحاد الشبيبة الشيوعية الاسرائيلي – الذي يشكل دعامة هامة للحزب. وصحافة الحزب تصل الى آلاف القراء، تجند وتوجه الجمهور العامل وكل طبقات الشعب، للنضال من اجل السلام، والاخوة اليهودية العربية،والدمقراطية والتقدم الاجتماعي والاشتراكية."
( من كتاب " 60 عاما على تأسيس الحزب الشيوعي الاسرائيلي " ص 17 - اصدار الحزب الشيوعي الاسرائيلي 1980 - مطبعة الاتحاد التعاونية حيفا ص. ب 104 ).
يتبع...... وانتظروا المزيد....
توابل
من اقوال جمال الدين الافغاني
وهو محمد بن صفدر الحسيني (1838م-1897م) فيلسوف الاسلام في عصره، واحد الرجال الافذاذ الذين قامت على سواعدهم نهضة الشرق الحاضرة. ولد في اسعدآباد بافغانستان، ونشأ بكابل. تلقى علومه العقلية والنقلية،وبرع في الرياضيات،واقام في مصر، فنفح فيها روح النهضة الاصلاحية في الدين والسياسة، وتتلمذ له نابغة مصر الشيخ محمد عبده، وكثيرون. نفته الحكومة المصرية، فقصد باريس، واصدر فيها جريدة " العروة الوثقى". وتوفي بالآستانة. له "تاريخ الافغان"، و"رسالة الرد على الدهريين". ( من الزركلي : الاعلام 6\168-169).
" ما من دولة غربية تطرق باب مملكة شرقية الا وتكون جهتها اما حفظ حقوق السلطان، او اخماد فتنة قامت على الامير، او انفاذ نصوص(الفرمان)... فاذا لم تكن الاضاليل للبقاء، تذرعت اما بحجة حماية المسيحيين، او الاقليات، او حقوق الاجانب او امتيازاتهم، او حرية الشعب، او تعليمه اصول الاستقلال، او اعطاء حقه تدريجيا من الحكم الذاتي، او اغناء الشعب الفقير بالاشراف على موارد ثروته.
تطلبون الدواء، والدواء والدواء دفين في جسم الشرق وابنائه، مستحكم منهم. يعز ويتعذر على الحكيم النطاسي ان يصف الدواء الناجع او الشافي الواقي لاعتقاده ان المريض لا يتناوله ولو علم ذلك المريض ان في الامتناع من الدواء الموت الزؤام.
لدى اهل الشرق دواء سريع التأثير في الشفاء، لكنه عظيم الخطر، مفزع للجبناء، وقد وصفه حكماء الشعر من العرب بقولهم :
"عش عزيزا او مت وانت كريم بين طعن القنا وخفق البنود
لا يسلم الشرف الرفيع من الاذى حتى يراق على جوانبه الدم "
السبت 19/3/2011