"طوق الياسمين"
يوسف حيدر
(لذكرى رفيقنا الغالي توفيق طوبي "ابو الياس" ) * *
بعد ان غدا حزننا اليفا كاهدابنا هذا الموت يبكر كثيرا كعصافير الصباح ونحن نتصفح اقدارنا في الجريدة اليومية " الاتحاد" أخلسة جاء الخبر الاليم وكأني بك تحذرنا .. تجنبوا .. المرور على جثث بعضكم .. وتجنبوا .. الطموحات المزدحمة .. وحدائق المثرثرين .. وساحات الانتحار الذاتي .. والانفعال المؤقت .. واراجيح الانتهازيين .. وانين المهزومين .. جسدك باق في حيفا .. وروحك صاعدة فينا ابدا وابدا .. في ارادتنا الطبقية الاممية وفي نشيدك النادر الحكيم الممتد حتى النصر الاكيد .. ايها السيف الفلسطيني الطويل .. اجهزت على المؤامرة الكبرى .. وبقينا مع نجومنا وسمائنا وارضنا .. وارغمت الغزاة الجدد .. ان لا ينتصروا .. على جراحنا وفراقنا .. ودموعنا .. وعلمتنا حكمة النصر ..في خطوة الالف .. ميل .. نحن الجيل الجديد في النظرية .. نعرف الوصية .. التي علمتنا اياها ... وحملتها كزوادة العمال الذاهبين الى خبزهم في حيفا ويافا وطبريا وبيسان واه على بيسان ... والقدس والناصرة وعكا وشفاعمرو وام الفحم والطيبة والطيرة والنقب .. وكفر قاسم .. التقطتنا من الحيرة وعبأتنا ذخيرة حمراء .. ملتهبة بالكفاخ والنضال لاجل ان تعلمنا حمل النصال .. فغدونا من لم يسقط في مخططات التجهيل والعدمية القومية .. وفتحت لنا المدى .. لنحول في كل بلد الواقع الصعب لامل وخطاب تغيير وتحدٍّ .. وقضيت .. وقررت .. لا هجرة اخرى .. ولا عودة لنكبة اخرى .. فوضعت الخطاب .. في زمن سقطت فيه كل الوصايا كالرماد .. للملوك وللحكام الظلام .. وللعم سام .. وللصهيونية الحالمة المهاجرة الينا .. وكان من الغلاة الاحتلال .. ومنا المناجل وكان من الغلاة النار والاغلال .. والقنابل .. ومنا النشيد الوطني الخالد .. والبيان والآمال العظام .. والسنابل .. يا شمعتنا في الظلام .. وانت تعد لرحيلك .. فكرت بالبيان .. للعمال والكادحين ولم تنس الخطاب .. تركت لكم حزبا لا حزبين .. وجبهة لا جبهتين .. فصونوا الوصية الكبرى .. كبؤبؤ العينين .. يا فقيدنا في عز الغليان .. كم تراشقت الاقحوان .. مع "الايملين" .. وتراقصتم على ادراج الياسمين .. في الوادي .. في شارع الحريري وحداد .. وتسلقتم سلالم الموارنة .. وقلبتم ذكرى من رحلوا من وادي الصليب .. "وقامرتم" باقداركم عن وعي في نادي المؤتمر .. وشارع الامم ..وقيسارية.. والكرمة المعتقة .. ورسمتم صورة الوطن الذي تريدون بعقولكم .. وغدا الدم الجاري في قلوبكم .. صاعدين الى الكرمل الابدي كالسنديان .. كنت يا معلمنا رجل المهمات الصعبة .. حين كان " الايميلان" واحد يفكر وواحد يشعر بالغليان .. وتقول: اميل الثاني لا يخاف .. لكنه يخاف على شعبه .. وقلبه قلب عصفور .. وغلبان .. بسعيد المتشائل وسرايا بنت الغول ولعنة الايام الستة وعشق اللوز الولهان .. ورحلتم ولم يكن ما اردتم وما كان .. بدونك ما كنا نفعل في مفترق القرار .. ما ضعنا بين تعاليم الوعاظ .. وولولة النائحين على مجد غابر .. فتكأنا على رماح صحوتك .. مصممين صنع النهار .. نقرع ابواب مستقبلنا .. بمناجل الفلاحين ومطارق العمال .. ونار الثوار .. رفيقي .. الغائب عنا الحاضر فينا لك مني هذا البيان .. ونحن نسترخي على سرسر النظرية والتطبيق .. سنفسح لك مكانا لتنام معنا .. بثورتك التي حلمت بها .. فلو تريثت قليلا وقليلا .. لرأيت معنا كثيرا من مد الطوفان .. رفيقي .. عند قبرك المنتصب عند اقدام الكرمل .. يبكي الموج .. والرمل .. والحصى .. والنسائم تبكي .. والوديان .. وبرتقال ورمان وعوسج وريحان وصعتر فلسطين يبكيك .. والسنديان .. يا حارس حلمنا .. خلص الزمان .. لم يبق من بياني ما احتفي به فما اردت ان يكون .. كان ..
(عبلين)
الخميس 17/3/2011 |