هل نستطيع حتى لو كنّا في أعلى درجات الوعي أن نختزل تسعين سنة في أسطرٍ قليلة؟؟ ولو استطعنا ذلك فمن أين نبدأ؟ هل من شبابٍ قوامهُ الوعي الوطنيّ والتّضحيات الّتي لا تعدُّ ولا تُحصى تجاه شعبٍ نكبته الأيام قبل نكبته الكبرى.. وهل نبدأ من قيادة الجماهير في حزب الكادحين المقهورين؟ أم نبدأ من حضورٍ طاغٍ من على منصات الكنيست الإسرائيلي وآلاف المنصات والمحاضرات لا طلبًا لمجدٍ شخصيّ بل لنقل آلام هذا الشّعب الصَّابِرِ والمحاصَر بجوٍّ من الكراهية والموبوءِ بالشّوفينية. أسداً في غابةٍ تأسّدت ثعالبها كان، وأسدًا كان بإعلاء شأن الحقّ والدّيمقراطية والعدالة الإجتماعية.. ولن أقول حمل صليبه على ظهره تشبّهًا بالسّيّد المسيح، بل أقول حمل قُرانا ومُدننا بأحزانها وأفراحها على كتفيه وسار وسار لا يعبأُ بوعورة الطّريق وبأخطارها، لا إلى الجلجثة بل إلى قممٍ عالياتٍ تحكي أبد الدّهر عن قيادةٍ حكيمةٍ وعن تاريخٍ لا يقبلُ التزوير أو الفناء.. فيا أبا الياس توفيق طوبي، يا أبانا الّذي كان لا بدّ من فراقٍ أبديّ بيننا، نمْ وادعًا هانئًا لأنّ مكانك في قلب هذا الوطن الّذي أحببتهُ وجعلتنا نحبُّهُ معك.. واسمح لنا أن نحزن لفقدك جسدًا طاهرًا ونفرح بك روحًا شربناها جعلت ضعيفنا قويًّا ويائِسنا متفائلاً والبعيد منّا عن صفوف الجماهير قريبًا.. عزاؤُنا أنّك في قلوبٍ نشأت على حُبِّك لها وأملنا في قياداتٍ أنت ربّيتها فراخاً وتركتها نسورًا. فإلى رفاقِ دربك وإلى أهلك ونحنُ أهلك، وإلى وطنك وجريدتك الّتي حملت اسمك وروحك إلى آخر لحظة.. نقول عزاؤُنا بما تركت لنا ولكن اسمح لنا أن نذرف دمعةً.. ولو دمعةً واحدة عليك..