لا نذكرهم، لا نزورهم في بيوتهم، لا نسأل عن أحوالهم، وحتى لا نعرف أسماءهم ولا من هم!
أتذكرون الشاب الذي ما زالت الرصاصة في رأسه حتى يومنا هذا! والصبية التي آثر الأطبّاء إبقاء رصاصتين في جسدها لوجودهما في مقتل والموت في تحرّكهما؟ والرجل الذي لا ترونه إلا على كرسيّ متحرّك، وقد تشفقون عليه وعليهما ولكنّ لا يعرف الكثير أنّهم جرحى يوم القدس والأقصى 2000.
الجرحى الذين لا نسمع آهاتهم في الليل، ولا نعرف كيف يعتلون السرير، وهل يستصعبون نعل الحذاء، نعم نعرف أنّهم لا يقوون على الانحناء.
لقد تزوّج صاحب الرجل المبتورة، وسمعتُ أنّه أول ما أنجب نظر إلى أطراف طفلته، فإذا رجلها تستأنف على بتر رجل أبيها، وولدت بشرًا سويًا، فاللؤم لجيل واللأم لأجيال.
فيا أصحاب الجرح المكابر، يا إبراهيم، مرلين، لؤي، أحمد، باسم، يوسف، نور، نسرين، عوني، هلال، خليل وخولة من الناصرة، وحسيب، إياد، عماد، ناصر، عامر، علي وجهاد من كفر كنا، حمزة وطاهر من سخنين، حسام من البعينة، فؤاد ومراد من عرابة، شوقي وعلاء من يافة الناصرة، محمد، محمود، نضال، أسعد من كفر مندا، زاهر، ماهر، خالد من شفاعمرو، رحيب وزاهر من طمرة، أحمد من الضميدة، حسن من كابول، أمين من كفر قرع، طه من الجديدة ومفيد من كوكب.
لم تعتبوا علينا سهونا الدائم عنكم، فلا عذل ولا لوم، ولم تطالبوا بأيّ شيء، لم تحتجّوا، وحتى لم تعرّفونا بأسمائكم، حملتم أطرافكم المبتورة، سالت دموعكم وعضضتم على النواجذ. إنّ هذا الصمت أعمق من ذاك الجرح، و"لحظة الصمت أعظم إن صدقت".
نعرف الشهداء، ولكنّا سهونا عن الشاهد الحيّ على الجريمة، عن الجرحى. ومن أجلهم، أيضًا، يجب أن ننجح الإضراب ونطلق الصرخة الموحّدة، ومن أجلنا يجب أن نجزيَهم بعض حقّهم.
الثلاثاء 29/9/2009