منذ اكثر من خمسة اشهر يحاول المحتل الامريكي في العراق اغتصاب حكومة الدمى العراقية الموالية والخادمة للاحتلال الامريكي باملاء اتفاقية امنية طويلة الامد تضع الترتيبات المستقبلية للاوضاع في العراق بعد "انسحاب" القوات الامريكية. وتمارس ادارة بوش وسلطة الاحتلال الامريكي مكابس ضغط شرسة "لتمرير هذه الاتفاقية قبل انتهاء مدة تفويض مجلس الامن الدولي لهذه القوات في الواحد والثلاثين من شهر كانون الاول من هذا العام. وترفق ضغوطاتها بوابل من التهديدات البلطجية السافرة لحكومة المالكي العميلة، تهديدات السيد لعبده. وللتضليل لجأ المحتل الامريكي الى اجراء تعديلات هامشية على مسودة مشروع الاتفاقية الامنية بين حين وآخر دون المس ببنودها الجوهرية التي تنتقص عمليا من السيادة الوطنية العراقية وتبقي العراق ارضا وشعبا تحت رحمة اوكار التواجد والهيمنة لقوى الاستعمار الامريكي العسكرية والمدنية.
فالمسودة الاخيرة المعدلة المطروحة للنقاش والصراع حول الموقف منها تتضمن البنود الاساسية التالية: تحديد موعد آخر سنة الفين واحدى عشرة كموعد اخير لانسحاب قوات الغزو والاحتلال الامريكية من العراق! ويتم تنفيذ هذا البند على مراحل وفقا لحالة الوضع الامني في العراق، ففي المرحلة الاولى يجري سحب القوات المحتلة من داخل المدن الى خارجها، وتنفيذ هذا البند مشروط ومرهون بالوضع الامني، بمعنى انه اذا نجح المحتلون وخدامهم من العراقيين اخماد انفاس المقاومة العراقية والخنوع لحالة مزيفة من الامن والاستقرار فعندئذ يجري سحب قوات الاحتلال من داخل المدن، والامر الآخر الوارد في مسودة الاتفاقية الامنية هو احتفاظ المحتل الامريكي بقواعد عسكرية برية وجوية ومائية حتى بعد اتمام عملية سحب القوات، والاخطر من ذلك ضمان حصانة القوى والعناصر العسكرية والمدنية المتواجدة في العراق وعدم خضوعها للقضاء العراقي او للقوانين المعمول بها في العراق، يعني يستطيع الجندي الامريكي او أي مدني امريكي ان يعمل السبعة وذمتها ويرتكب الجرائم الوحشية دون ان يقع تحت طائلة القوانين العراقية والقضاء العراقي. وهذا يعكس حقيقة المس بالسيادة السياسية – الاقليمية العراقية – كما تتضمن هذه الاتفاقية الاستعمارية شرعنة نهب الثروة النفطية العراقية وغيرها على ايدي توفير الامتياز والافضلية للشركات الاحتكارية الامريكية وللاحتكارات النفطية البريطانية حليفة الامبريالية الامريكية في احتلال العراق وامتهان الكرامة القومية والوطنية لشعب العراق وسرقة ثرواته الوطنية.
ليس من وليد الصدفة ان العديد من القوى الوطنية والتيارات السياسية العراقية ترفض هذه الاتفاقية جملة وتفصيلا لأنها ترى وبحق انها اتفاقية لتكريس الهيمنة الاستعمارية الامريكية على العراق والانتقاص من سيادته الوطنية. فتيارات "الصدر" الشيعية وهيئة علماء المسلمين السنية وغيرهما قد اعلنوا رفض هذه الاتفاقية وتنظيم المظاهرات ضدها. وحتى القوى العميلة لامريكا لم تتجرأ على قبول الاتفاقية وطالبت بتعديلها. وشعب العراق لا يرضى الا بجلاء المحتلين عن كل شبر من ارض العراق.
الاتحاد
الجمعة 24/10/2008