توالى الخبراء الاقتصاديون بالأمس، على التأكيد على أنّ الولايات المتحدة الأمريكية، ودول الاتحاد الأوروبي، تقف على أبواب ركود اقتصادي كبير، وذلك في أعقاب الأزمة المالية الكبرى التي بدأت في أسواق المال الأمريكية وانتقلت إلى العالم بأسره.
وتأتي هذه التنبؤات السوداوية، في ظل تقلّبات وعدمم استقرار في الاقتصاد العالمي، فسعر الدولار ارتفع أمس أمام العملات العالمية بنسبة عالية، وفي المقابل انخفض سعر صرف اليورو، وانخفض سعر النفط، خاتمًا انخفاضًا بنسبة 53% منذ وصل إلى أعلى سعر له في شهر تموز المنصرم، وهو 148 دولارًا.
إنّ ما تثبته الأزمة المالية المستمرة، هو أنّ ما اصطلح على تسميتهم بـ"الخبراء الماليين" أو "الخبراء الاقتصاديين"، ما هم سوى مجموعة من قارئي الطالع، ومدّعي العلم بالغيب، يقولون ما لا يعرفون، وتنفرج صباحات الأيام المتتالية عن اثباتات لا متناهية على انعدام صحة مزاعمهم.
ما تثبته الأيام هو أنّ العامل النفسي لدى المستثمرين بات يقرر في وجهة الاقتصاد العالمي، حيث يخاف المستثمرون من الانهيار، فينسحبون، مسببين الانهيار بنفسهم، وهذا الأمر هو النتيجة الحتمية لانعدام الرقابة التي تفرضها الدولة على السوق، وهو النهج الذي تعتمده دول رأس المال، صاحبة المنهج النيولبرالي.
إنّ الضربة التي تلقاها النظام الرأسمالي، في الأسابيع والأشهر الأخيرة، تثبت بما لا يدع مجالا للشك، أنّ المطلوب اليوم هو بديل لهذا النظام البائد والمتعفن، الأخرق، الذي لا همّ له سوى تحقيق الربح على حساب دماء البشر، وعلى حساب ما تبقى لنا من حيّز نعيش فيه على هذه الأرض.
إنّ الأرقام التي تفيد بأنّ مبيعات الكتب الماركسية تضاعفت في الأسابيع الأخيرة في كافة أنحاء العالم، وفي أوروبا على وجه الخصوص، في ظل الأزمة المالية، تعطينا إشارة بأنّ الإنسانية جمعاء تبحث عن بديل يضمن لها حياة مرفّهة، ويحميها من المصائب التي حلّت بها جرّاء تحكم رأس المال بالعالم.
الخميس 23/10/2008