كَُّلك في الكلمة والكلمات كلُّك



ينبعث منك حيث أنت الآن من هدوء نومك المسكون في صمته، صداح القصائد ، أنشودة الفرح والأحزان ، صراخ المولود إلى الحياة وللراحل عنها .
من ذاك الموت الأبيض، الهائم على فراش اخضر، الساري و أجنحة الفراش في نواحي الحياة ، يرتقي الهتاف نغما صاخبا حانيا من نايةِ قصبها جذع زيتونة شامخة على الزمن ، شاهدة على المكان،يعتلي الهتاف هزجًا ساكنا وصمتا صاخبا مزيج لقيأك والرحيل، مزيج حضورك والغياب ، مزيجَ صداك وصدى السابقين في الصدى وصدى الصدى .
حاضر ينجذب إلى ماضيه وماضٍ يقتحم حاضره ومسعى ذكراهما إلى المستقبل ذاهبة، آتية.
أنت حاضر فينا في الموقعين وفي الأزمان ، ذهبت ذاهبًا وستذهب ، بقيتَ باقيًا وستبقى ، كلك في الكلمة والكلماتُ كلك ، باقٍ وستبقى .
من مسك شفاك فواح العطر ومن فضاء لقياك شعاع نور، يطهّر ثراك ،يمسح محيّاك ، يحرس فضاءَك ، يوسّعه.
سحابةٌ ظمأى تقطر دمعًا وحياة ، تبعث فيك ما كنت عليه وترافقك إلى حيث أنت عليه .
طيرٌ جليليٌ حطَّ آمنًا على رقادك ، عانق وردةً مقدسية وامتص دفأكَ حنينًا إليك وإلى الحياة ، علّهُ يخبرنا عنك وعنا ، قربك يقارب بعدك وبعدك يقارب قربك ، تمّحي الأبعاد ، يتجلى الواقع وهمًا أو حقيقة، يتجسد شعرك أعمدة رُخام ، هديل حمام وغصن سلام .
فضاؤك في اتساعه يبقى ما بقيت شواهدك والنجوم الساهرة ومن فنائك المادي تُبعث الكلمات ومن النجوم الآفلة ومن الآتين تتوّلد ومن النجوم اللاحقة .
سرت إلى الموت هادئا ، سرت إليه احتمالا وعدت منه إتماما وإليه اكتمالا راوحت الإياب والذهاب في حياتك وكذا في مماتك .
قد محوت البرزخ وتداخل المجهول بالمعلوم ، هان العبور سهُل المرور وانحسر الموت في اتساع الحياة وانحسرت الحياة باتساع الموت ، ولهذا أدهشَنا غيابك كما أدهشنا حضورك .
"بُعثتَ حال موتك في أوراق الشجر " كما قلت .
أنشودةَ بُعثتَ من أكباد الجموع الصامتة السائرة الصاغية لإيقاع جنازتك ، إيقاع الموت ، إيقاع الحياة، للإيقاع .
" نَم هادئا إذا ما استطعت إلى ذلك سبيلا " ، وإن لم تستطع فانهض في حضرة الغياب هادئا أيضا يا محمود .

فيصل طه
الخميس 25/9/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع