مواقف مبدئية لا تزحزحها العواصف!



من حسن حظ جماهيرنا العربية والجماهير الكادحة المسحوقة في بلادنا ان الحزب الشيوعي الذي يحتفل السنة القادمة بمرور تسعين سنة على تأسيسه ونشاطه الكفاحي، كان له، ولا يزال، الدور الريادي الطلائعي في بلورة طابع الهوية السياسية والاجتماعية الكفاحية الذي اثبت مصداقيته في المعارك النضالية من اجل انجاز الحقوق الوطنية الفلسطينية كشرط لا بد منه للسلام العادل ومن اجل حق الجماهير العربية، الاقلية العربية الفلسطينية في وطنها بالمساواة القومية والمدنية ومن اجل العدالة الاجتماعية والتقدم الاجتماعي الحضاري، ورغم مرور تسعين سنة على تأسيس الحزب واكثر من ستين سنة على نكبة الشعب العربي الفلسطيني وقيام اسرائيل فان الحزب الشيوعي بقي مخلصا ومتمسكا بثوابته الكفاحية الطبقية والسياسية والاجتماعية لا تزحزحه عن مبادئه العواصف العاتية التي حلت بشعبنا وبمنطقتنا وبعالمنا. وقد قوبلت مواقف وسياسة الحزب المبدئية الكفاحية، ولا تزال تقابل، من الحملات التحريضية التضليلية من مختلف الاحزاب الصهيونية والتنظيمات القومجية العربية. ويتركز تحريض هذه القوى ليس على ما يطرحه هذا الحزب وجبهته الدمقراطية من برامج كفاحية بل توجيه السهام الى طابع بنية الحزب الهيكلية. فالاحزاب الصهيونية تتهم الحزب بانه "حزب قومي" تارة عرفاتي واخرى فتحاوي، وبعضها بانه معاد لدولة اسرائيل! اما فلاسفة التنظيمات القومجية العربية فتوجه سهامها الى التركيبة الاممية اليهودية – العربية للحزب والجبهة المسلحة بنظرية ثورية اممية تدافع عن المصالح الوطنية الحقيقية للشعوب وتتصدى لمختلف اشكال الاضطهاد والظلم، وتتخذ من هذا الطابع لاتهام الحزب "بالاسرلة" والتواطؤ مع الصهيونية ضد القومية العربية!!
في الواقع ان الحزب الشيوعي خلال مشواره النضالي الطويل العريق والمشرف يؤكد دائما على تبنيه حقيقتين يمتاز بهما عن باقي مختلف الاحزاب السياسية، خاصة الصهيونية منها. الحقيقة الاولى انه كحزب طبقي ثوري واممي فانه معاد للصهيونية الفكر والممارسة فمواقف الحزب وتحليلاته النظرية – السياسية للخلفية الطبقية للصهيونية كممثلة لمختلف الشرائح الاجتماعية – السياسية اليهودية وكربيبة للامبريالية وعميلة لها وان الصهيونية حركة عنصرية وليست ابدا حركة تحرر قومي عالمية، هذه المواقف والتحليلات ساعدت الحزب في صياغة برنامجه الكفاحي الطبقي والسياسي – الاجتماعي داخل اسرائيل، كما ساعدت الحركة الثورية العالمية وحركة التحرر الوطني العالمية في التصدي للصهيونية في بلدانها.
والحقيقة الثانية، انه انطلاقا من موقفه الاممي فقد صاغ وبلور الحزب الشيوعي الهوية الوطنية الكفاحية السياسية والاجتماعية للمواطنين العرب، وذلك من خلال مبادراته وقيادته لكفاح الجماهير العربية دفاعا عن حقوقها القومية والمدنية. كما لم يتنازل الحزب الشيوعي يوما عن دوره دفاعا عن حق الشعب العربي الفلسطيني في التخلص من نير الاحتلال الاسرائيلي وانجاز حقه بالدولة والقدس والعودة.
ليس من وليد الصدفة ان ينطلق عواء تحريض قوى "يسار" صهيوني ويمين صهيوني ضد ترشيح رفيقنا دوف حنين عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي لرئاسة بلدية تل ابيب – يافا، يحرضون ضده شخصيا وليس ضد برنامجه الانتخابي، ولماذا؟ لأنه معاد للصهيونية ولأنه يحرض ضد الخدمة في المناطق المحتلة ولأنه لا يقف ولا ينشد "هتكفا" النشيد الوطني العنصري الصهيوني! لقد صدقتكم في اتهامكم لدوف، فهو شيوعي مبدئي، ولهذا فهو ضد الصهيونية وضد الاحتلال وضد النشيد العنصري.

 

الاتحاد

الجمعة 19/9/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع