لن أكتب عن الدرويش...بل الأُولمبياد!!



تَبَارَى الدَّمْعُ وَانْهَمَرَ،

مَنْ حُزْنُهُ أَكْبَرُ؟

مَنْ يَشْتَري؟.. مَنْ يَبيعْ؟!

مَنْ غَادَرَهُ الفَرَحُ والمَوَّالُ؟

مَنِ احْتَضَنَ أَثَرَ الفَرَاشَةِ..

مَِنْ يَأْسُِهُِ هَرَبَ وِشَاحاً مِنْ سَعِيرْ!!!

 

إنِّي في الأَدَبِ لَنْ أَكْتُبَ، عَنِ الدَّرْويشْ!!

لَنْ أَكْتُبَ!! لَنْ أَكْتُبَ فَكأَنَّهُ ما بَدَأَ،

كَأَنَّهُ ما ذَهَبْ،

كَأَنَّهُ مَا اسْتَوْطَنَ..مَا هَاجَرَ..

مَا فَازَ ...وَمَا انْغَلَبْ!

كَأَنَّهُ مَا غَادَرَ، وَمَا عَادْ!!!

فَلأَعُدْ لِدَقَائِقي الرَّتِيبَةِ،

وَلِوَجْهِ شَاشَتي الحَبِيبَةِ..

فَلأَكْتُبْ عَنِ الأُولِمْبيادْ

عَنِ الدَّرْويشِ لَنْ أَكْتُبَ،

إِذْ ماذا يُمْكِنُ أَنْ يَقولَ عِطْرُ الحِبْرِ..كَيْ تَعْرِفُوهُ أَكْثَرَ؟!

بماذا يُمْكِنُ أَنْ يُشْدُو الحَمَامُ كَيْ تَفْهَموا هَديلَهُ أَكْثَرَ؟؟

لِتَعْرِفوا الدَّرْويشَ أَكْثَرَ..اقْرأوه!

سَتَعْرفونَهُ لأَنَّهُ أَبْصَرَكُمْ حَتَّى الأَعْمَاقْ!

لِتَفْهَموا الدَّرْويشَ أَكْثَرَ..اشْرَحُوه!

سَتَفْهَمونَهُ لأَنَّهُ يُرَتِّلُكُمْ مِنْ نَظْرَةِ الأَحْدَاقْ!

لِتَشْعُروا بِهِ افْهَمُوه!

سَتَشْعُرونَ بآمالِهِ.... لأَنَّهُ يُعَاني آلامَكُمْ!!.

*****

لَمْ يَبْقَ مُهْتَمٌّ إِلا وَكَتَبْ

وَرَوَى أَوْ حَكَى،

أَوْ نَدَبْ،

كَثُرَ وَهْمُ الضَّبَابِ والمفَسِّرون،

تَنَافَسَ وَجَعُ العَذابِ والمحَلِّلُون..

بَيْدَ أَنَّني لَنْ أَحْكيَ عَنْهُ

لأَنَّهُ حَكانا ..وَيَحْكينا!

لَنْ أَكْتُبَ عَنْهُ فَهوَ كَتَبَنا!

أَبْكانا وَيَبْكينا!!...

لَنْ أَرْوِيَ عَنْهُ، فَقَدْ رَوَانَا...وَما زَالَ يَرْوِينَا!!

إنْ كَانَ الدَّمْعُ في صُبْحِنا،

فَهُوَ الفَجْرُ في مَآقِينَا.

*****

لَنْ أَكْتُبَ بَعْدَ اليَوْمِ وَلَنْ تَصْدَحَ النَّايَاتْ!

فَاسْمَحُوا...اسْمَحُوا لي....

لَنْ أَكْتُبَ عَنِ الدَّرْويشِ

سَأَتَفَرَّغُ لِلْكِتَابةِ عَنِ الأُولمبْيَادْ،

سَأَنْسَى هُمُومي وَمَأْساةَ البِلادْ!

إِذْ مَاذا يُمْكِنُ أَنْ أُضِيفَ؟!

مَاذا أَضَافَ مَنْ زادَ مِنْ وَجْبَةِ اللَّهَبِ،

وَلَمْ يَعْرِفْ قِيمَةَ الحَطَبِ؟!!

مَنْ مَنَّ مِنْ مُنَاهُ بِأُمْنِيَةٍ...

وَمَنْ حَظِيَ بِدَمْعَةِ مُتَشَرِّدٍ؟!

بَعْدَ أَنْ حَلَّتْ بِنا الهَزيمَةُ، الهَزيمَةُ الصُّمودُ.....!!!!

نَحْنُ شَعْبٌ يَهْزِمُنَا المَوْتُ وَنَبْقى صَامِدين!

نَحْنُ شَعْبٌ نُغَازِلُ المُسْتَقْبَلَ في فِنْجانِ قَهْوَةٍ،

وَنَسْكَرُ عَلى ابْتِسامَةِ وَرْدَةٍ،

نَحْضُنُ الْجُرْحَ نُعانِقُ الأَلَمَ، وَنَبْقى فَرِحين!

*****

ماذا يُمْكِنُ أَنْ أُضيفَ

بَعْدَ أَن ادْلَهَمَّ الحُزْنُ..والشَّوْقُ زَادْ،

اسْمَحوا لي أَنْ أَتَفَرَّغَ للأُولمبْيَادْ،

هذا الحَدَثِ الجَلَلِ العَظيمِ،

الذي شَدَّ الأَنْظارَ وأَوْتَارَ القُلوب..

عَنِ الأُولمبيادِ سَأَقولْ،

كَيْفَ هَوى نَجْمُهُ لِلأُفولْ..

عِنْدَما شاعَ الخَبَرُ، كيْفَ تَلاشَى وَضَاعَ!

كَانَ يَسْتَحْوِذُ عَلى ما بَعْدَ الرموشِ..

عَلى ما قَبْلَ الضلوعِ.

كَيْفَ تَقَزَّمَ مَارِدُ الأُولمبْيَادِ وَانْكَمَشْ..

عندَما سَمِعَ زغرودَةَ الشِّعرِ مِنْ فَمِ لاعِبِ النَرْدِ،

فَغَابَ الغِيَابُ في حَضْرَةِ الغِيَابْ،

وَتَاهَ في أَثَرِ الفَراشَةِ رَقْصُ الفَرَاشَاتِ.

*****

كُلُّ حَدَثٍ عَظِيمٍ في وَاحَةِ الرَّجَاءِ،

يَحْتَلُّ ذَاكِرَتَنا بِبَعْضِ الأَحْلامِ الصَّغيرةِ...

كُلُّ حَدَثٍ عَظِيمٍ مُرْتَقَبٍ،

يَهْبِطُ عَلَيْنا بِخَجَلِ ضيْفٍ عَزِيزٍ،

فَنَحْنُ نَفْتَقِرُ لضَيْفٍ يَحْمِلُ أُرْجُوحَةَ الحُلْمِ،

ضَيْفٍ نَنْتَظِرُهُ بِفَارِغِ الصَّبْرِ،

نُشَارِكُ بِمُشَاهَدَتِهِ وَنَشْعُرُ بالكِبْرِيَاءِ!!

نُقْنِعُ أَنْفُسَنَا أَنَّنا نُعَايشُهُ...

رُبَّمَا لِنَنْسَى آلامَنَا المزْمِنَةَ،

أَوْ لِِنَهْرُبَ مِنْ آمَالِنَا المسْتَحِيلَةِ!!

نُرَفِّهُ عَنْ أَنْفُسِنا.. بِمُزَاوَلَةِ الحَديثِ عَنْ مُجْرَياتِهِ،

لَعَلَّنا نُثْبِتُ لِنُفُوسِنَا..

أَنَّنَا في هذا العَالَمِ بَشَرٌ،

بَشَرٌ نَعِيشُ، نُفَكِّرُ، نُشَاهِدُ، نُتَابِعُ، نَشْعُرُ، نَتَرَقَّبُ، نَتَنَفَّسُ،

نَتَأَوَّهُ، نَغْضَبُ، نَفْرَحُ، نَسْهَرُ، نَنْعَسُ، نَتَأَلَّمُ...نَتَشَاءَمُ ...نَتَشَاءَمُ..

نَتَفَاءَلُ...يَتَفَاءَلُونَ..

تَفَاءَلُوا..تَفَاءَلُوا.. تَفَاءَلُوا...

فَبُشْرَى لَكُمْ وَبُشْرَى لَنَا....

بُشْرَى لَكُمْ... يَا حَظَّكُمْ،

بُشْرَى لَنَا... يَا مَجْدَنَا!

بُُشْرَى بُشْرَى.. فَابْشِرُوا

نَحْنُ بَشَرٌ بَشَرْ،

نُشَجِّعُ لاعِبينا الذين لَمْ يَصِلوا إلى النِّهائيَّاتِ،

نُسَانِدُ هذا المُنْتَخَبَ العَنيدْ...

نَتَضامَنُ مع هذا اللاعِبِ الفَريدْ...

نُعْجَبُ بالتِّنِسِ وَنَعْشَقُ لاعِبَاتِهِ،

لكنَّنَا لا نَعْرِفُ لُغَةَ المَضْرِبِ!!!

نتعاطَفُ مع هذا البطَلِ أَوْ مَع ذاك!!

(نَنْشَفِحُ) عَلى ميدَاليةٍ ذَهبِيَّةٍ،

لكِنَّنَا نَكْتَفي بِتَرَقُّبِ الفِضِّيَّةِ،

وأخيراً نَتَحَسَّرُ على فُقْدَانِنَا البِرونْزِيَّة!!

عَادَةً نَتَذَكَّرُ الأُولِمبيادَ..كُلَّ أُولِمْبيَادْ...

بالأَرْقَامِ القِيَاسِيَّةِ لِمَعَارِفِنا،

بِذَهَبِيَّاتِ غَيْرِنَا،

بِفِضِّيَّاتِ جِيرَانِنَا....

وَبْرُونْزِيَّاتِ أَصْدِقَائِنَا!!

لكنَّ هذا الأُولمبياد سَيَعِيشُ مَعَنَا،

سَنَتَذَكَّرُهُ مع خُبْزِ أُمِّنَا،

مَع نَكْهَةِ قَهْوَةِ الصَّباحِ.

عَادَةً الأَشْيَاءُ الكَبيرَةُ،

عَادَةً الأُمُورُ العَظِيمَةُ..

تَتَلاشَى وتَصْغُرُ أَمَامَ الأُولمبيادْ،

حَتَّى الحُرُوبُ تُشَنُّ يَوْمَ الأولمبياد

كَيْ لا يَراها المَطَرُ...

كَي لا يُنيرَ حُلْكَتَها الشُّعاع

أَمَّا اليَوْم...

وَفي إِشْرَاقَةِ الخُلُودِ..

أَوْ في ضَيَاعِ المَسَافَاتِ والحُدودِ،

أَصْبَحَ الأُولمبيادُ مِنَ التَفَاصِيلِ الصَّغِيرَةِ...

في غِيَابِ الفَارِسِ الكَبيرِ.

وَكَمَا يُقَالُ: حَدَثَ يَوْمَ "أُحَدْ"...

أَوْ كَمَا يُرْوَى: كَانَ.. يَوْمَ "الخَنْدَقْ"....

هكذا الأُولمبياد سَيُذْكَرُ:

كَانَ يَوْمَ دَرْوِيش،

حَدَثَ يَوْمَ دَرْويش....

فهيم أبو ركن
الثلاثاء 2/9/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع