* (في رثاء شاعر فلسطين والمقاومة الشاعر الكبير المرحوم محمود درويش طيّب الله ثراه) *
إن النفوس لقد جاشت كآبتها
همُّ علي اذا ما شئت اكتبه
هذا الغياب اسى الوجدان يؤلمه
غادرتنا وقلوب الناس مرهقة
كالشمس تغرب ما للشمس من مثل
حتى البلابل في الاقطار تفقده
يا بلبل الشرق والاوطان هاجسه
لآلئ الشعر قد أبدت محاسنها
نار القصيد صلت للخصم افئدة
نجم القريض فنون الشعر ابدعها
خاض البحور بأوزان ومعرفة
مناضل في سبيل الارض مقتحم
والبدر يفقد في الاسحار رونقه
ان غبت عنا فلم تبرح خواطرنا
هذي فلسطين ما زالت روابيها
هذي فلسطين ما زال بواسلها
هذي فلسطين قد زادت مطامحها
كل اللغات تباهت في قصائده
واجمع الفكر انجازا لموهبة
رمز النضال بحرف الضاد يكتبه
قضية الارض في اشعاره حثت
كم غربة في بلاد العرب تؤلمه
رغم الاسى ما سها عن باله وطن
شعر المقاوم مشحون بقوته
افنى الحياة فداء الارض مفتخرا
والشيخ يذكر شعرا في طفولته
طفل الحجارة عهدا في انتفاضته
القدس تصرخ والاقصى يناشدنا
يخلّد الدهر امجادا ومعجزة
عبر الزمان يظل الشعر مقترنا
جاوزت في شعرك الموهوب عالمنا
نلت الجوائز عن حق ومعرفة
وينحني المرء اجلالا لهيبته
يظل اسمك من اعلام امتنا
برحمة الله ندعوه لمغفرة
واحتدّ فيها شغاف القلب والعصبُ
فالحزن قد ضاقت به الاقوال والخطب
والقلب ينزف فيه الكرب يضطرب
غادرتنا في زمان الحق يُسْتلب
وشمسك الشعر في الآفاق تنتصب
فيه الكفاح اليه المجد ينتسب
للشعب للارض كانت له السبب
في محفل الفن قد سادت بها الرتب
وعابرون اتاها اللؤم والغضب
ترنّم العود والاغراب والعرب
وأتحف الشعر ابداعا له القصب
ظلم العدو وما تجتاحه الريب
بعد الغياب شعاع الشمس يلتهب
لا يختفي البدر ان مرت به السحب
تقرُّ انك محمودٌ ومحتسب
يردّد الشعر في الاعماق يصطخب
في دولة العدل تبنيها وترتقب
تألق الحرف في ابداعه العجب
بصوته العذب جذابا له طرب
قد جنّد الشعر ثوارا لهم طلب
لطرد محتل للارضَ يغتصب
طاف العواصم مهموما ويغترب
لا تعدل الارض اموال ولا ذهب
ليردع الخصم عما الخصم يرتكب
دمُّ الشهيد لاجل الارض ينسكب
سَجِّلْ انا عربي اجدادنا النجب
قد لقَّن الكون إعلاما كما يجب
يطالب العدل تحريرا أيا عرب
يخلّد العمر ما دامت له الكتب
بذكره الفذّ لا تجتاحه الحقب
فيك الاصالة والاتقان والادب
وفكرك في صنوف الخلق ينتخب
ويفجع الجمع فقدان به النخب
تشعُّ من نورك الاقمار والشهب
في جنّةِ الخلد تلقاه وتُحْتَسَب
(شفاعمرو)
عبد الهادي قصقصي *
الثلاثاء 19/8/2008