"يحكون في بلادنا، يحكون في شجن
عن شاعري الذي مضى وعاد في كفن"
في موطني يحكون عن أنشودة فقدت أباها
في موطني يبكون واللغة الجميلة شلها حزن به اضطربت خطاها 
هل أنت غبت وغاب صوتك والقصائد  فجأة ضلت صداها؟
أو أن آلاف البلابل بغتة فقدت ملاجئها وضيعت الدروب إلى هداها؟
أم أن آلاف الزنابق أنكرت في لحظة هذا التآلف مع شذاها؟
او لست من منح الطيور الأفق للإنشاد أو منح الجناح لها ليخفق في مداها؟
ضمدت باللغة الجميلة جرح أمتنا بملح عذابك الأزلي فانتصبت رباها
وصنعت من لغة البلاد لآلئا تعطي الخريطة لونها وبهاها
وبها التضاريس ارتدت أحلى ملابسها وتاهت في هواها
وبها حجارة أرضنا امتدت تعانق في التجلي نجمة الصبح البهية في سماها
وبلحظة سكت الكلام عن الكلام
 "خلعت معاطفها الجبال" مضت تسابق دمعها من دون حرف
وقفت قرى بشعابها وبأهلها صفا بصف
أترى المدائن فجأة سمعت لتضرب تارة كفا بكف
يا هل ترى ما ذا نرى في عينها، حزنا نرى أم ظل خوف؟
يا هل ترى ماذا جرى
ومضت تسائل بعضها كل الجبال
أو لست من ملأ الفضاء تمردا وتوهجا  في ذات صيف
"سجل.. أنا العربي.. ورقم بطاقتي خمسون ألف"
من نصف قرن قلتها فغدت على أعناق قاتلنا مدىً رعبا وسيف
صدقا يذيع مراسلو كل المحطات النبأ؟
أم يا ترى هل أنت عائد؟
لا.. لم تمت بل أنت ما بقي الهوى لحن ترجعه القصائد
تمتد فينا كامتداد الساحل اليافي
والغزي مثل تلاحق الأمواج أو مثل الروافد
درويش دربك نحو ذاك البيت أجمل
أم جمال البيت حلم لم تصل لعناقه بعد السواعد
درويش أجمل من قرنفلة الندى ومن الحنين من القصائد
درويش نجم ساطع درويش قائد
وعقيدة الدم والتشرد صاغها نغما يوحد دربنا عند الشدائد
درويش تسمو روحه فوق الصراع على المقاعد
درويش ترفض روحه أن تقتدي بالإخوة المتقاتلين على الموائد
درويش حبر الروح أنجب موطنا لشتاتنا
درويش صاغ ليتمنا أهلا وناسا أو أقارب قد ظنناهم أباعد
لكن روح الحبر تمتشق اليراع لتعلن اليوم البراءة 
من مبادئ قد أباحت جرحنا لسيوفنا
والكل حاقد
وتشن في إعلانها حربا على هذي المبادئ والعقائد
***
في موطني يبكون، موج البحر يبكي والسنابل
في موطني يبكي عبير الورد والأرض الحزينة والجداول
يا ليتنا جئنا نعاهد روح شاعرنا بعهد الخالدين:
"لا غرفة التوقيف باقية ولا زرد السلاسل
وحبوب سنبلة تموت ستملأ الوادي سنابل"
ونقول: نم يا شاعري
قد كنت فينا شاعرا أصبحت أجيالا تقاتل

(جامعة بير زيت)