"سجل انا عربي"
ورقم بطاقتي (هويتي) خمسون الف..!
متى دوّت عزتك القومية بهذا الكلام يا محمود؟
وما الذي فينا تغير مذاك سوى السير القهقرى؟
وليتنا بقينا "على حطة ايدك"، فثمة في الحياة العسكرية والكشفية والرياضية ما يعرف بـ "مكانك عد"!
اية هوية وأية بطاقة يا رجل؟
نحن قوم آثرنا تمزيق هوياتنا، المعنوية والمادية، او استبدالها بهويات اخرى حياء! هل سمعت باسرائيليين او ايطاليين او اسبان يهجرون اوطانهم، لأن رغد العيش في الاقطار العربية قد اغواهم؟ فما بال بعض العرب يتحملون حتى الموت بالرصاص المصري وهم يقطعون البيد في طريقهم الى "جنة" اسرائيل! وما بال البعض الآخر يتحملون الموت غرقا في البحار، هاربين من "جنان" المغرب العربي الى ايطاليا او اسبانيا؟!
اسبانيا!
اليست هي الاندلس يا محمود؟! ألم نحكمها ردحا من الزمن واطمأننا الى اننا ومسخنا فيها حضارتنا؟ فكيف يصبح من كان تحت إمرتنا اكثر عزة ومنعة، وأوفر صحة وأرغد عيشا ممن كانت شهرتهم وقوتهم تطبقان الآفاق! وما قيمة الاستقلال إذن، اذا كان السواد الاعظم من امتنا يتمنى في قرارة نفسه عودة المحتل؟!!
زادت اعدادنا فقط، فما زادنا ذلك الا بؤسا وشقاء وذلك وقهرا. فما قيمة الثمانين مليونا اذا كان فرعونهم قد جعل من "ابو الهول"، ديدبانا، لا تأخذه سنة من النوم، لئلا تتسلل عبر الانفاق السرية، حبة قمح او قطرة عيون الى الجار الغزي؟! ألم تسمع ان ما يكتشف من تلك الانفاق المتهمة بكسر الحصار، اكثر مما يكتشف من الآثار التاريخية؟!
وما قيمة الملايين العاجزة، ما دام فرعونهم قد جعل من خوفو وخفرع ومنكرع، اجهزة مخابرات، لا هم لها سوى البحث، لا عن جنود مصريين، طمرتهم رمال الصحراء وأحدقهم سرابها، وهم يخوضون معارك الشرف والبطولة ضد الغزاة، بل البحث عن جندي فرد واحد احد محتجز في غزة، لكنه يساوي اثنى عشر الف فلسطيني، هم بعض من طالتهم اذرع داود الطويلة!
وإلا فلماذا هم شعب الله المختار؟!
لا تقولوا لي ليسوا هؤلاء، فهؤلاء افضل من اولئك!
"لو صحّ أنك واهب ارضي لهم" انا منك يا رب السماء براء" (سميح القاسم)
لماذا سعينا الى الاستقلال واقامة الدولة، ونحن ما زلنا قبائل؟! وكيف غامرت بصياغة الوثيقة التي بقيت وثيقة؟ وكيف لم يعترف العالم باستقلالنا وقد اقمنا بدل الدولة دولتين، وربما "الخير لقدام"، فتقوم دولة الخليل ودولة نابلس ودولة جنين..!!
يا شاعرنا يا ابن البروة!
هل هي الصدفة التي جعلت موتك يتزامن مع تحويل مقابر قريتك الى حظائر للابقار! وسط صمت حكام الملايين الذين لا تنخدش جلودهم البقرية (خفت ان اقول "الثورية" فتُفهم انها مشتقة من الثورة!) الا بالاعتداء على الاقصى والقيامة، عهرا! كأن ثمة فرقا بين المسجد والكنيسة والمقبرة والمنزل كذلك!
في هذه الايام يا محمود، تعج الصحف وتكاد الشبكة العنكبوتية تنفجر باعلانات نعيك مصحوبة بصورتك! مسابقة عهر اولمبية بين الزعماء المنافقين لفلسطين، بصفتك رمزا لفلسطين. لا تصدقهم! لا تصدق الا نبض القلب، نبض البسطاء، هؤلاء هم البوصلة.
أحبوك لأنهم اخلصوا الحب لقضيتهم، او اخلصوا لقضيتهم لأنهم احبوك. فأنت وقضية فلسطين واحد، فيا لهذه القضية التي تقتل محبيها وأوفياءها.
هكذا كان، حين قتلت عبد الناصر قضيته القومية، وهكذا كائن حين قتلك همّها، وهكذا سيكون كما يبدو!!
فهل اطمأننت فمتّ؟ أم لأن هتافك بات مدعاة للخجل "سجل ان عربي"، في زمن الخيانات والنذالات!!
***
القذافي مرة أخرى
اعجبُ ممن ينادي بتداول الحكم واجراء الانتخابات الرئاسية كل بضع سنوات! لو طبقنا ذلك، فمن اين كنا سنستقي الحكمة المعتقة كالخمرة؟ أليست الحكمة هي بنت التجربة الطويلة؟؟
أنتم غير مصدقين كما يبدو! لنفكر قليلا. لو ان القذافي استُبدل منذ عشرين ثلاثين سنة، ولو بأخذ ابنائه من "السيوف" و"قذافي الدماء"، هل كنا سنحصل على الشطحات الفكرية والفلسفية والسياسية التي تنطلق كالرصاص من فم العقيد بين الحين والآخر؟ ألم يكن صاحب اقتراح التنازل عن فكرة الدولة الفلسطينية المستقلة، والاستعاضة عنها بدولة "إسراطين"، التي تجمع الاسرائيليين والفلسطينيين معا؟ وإذا كان السيد احمد قريع (ابو علاء)، قد اقتنع بهذه الفكرة مؤخرا. فما عليه سوى التوجه الى الرئيس الليبي، وهو يتكفل بالباقي! لكن ثمة مسألة في غاية البساطة ربما يكون العقيد قد نسيها: ان اسرائيل تقبل فعلا "بالاسرا"، لكنها سترشق "الطين" في وجه المهووسين.
تالي هذه الشطحات نبوءة صاحب "الكتاب الاخضر"، بأن ايران سوف تختفي من الوجود اذا ما استمرت في برنامجها النووي، كما كان مصير العراق بعد ان ركب صدام رأسه، وظل ينفي وجود ما ليس موجودا!
فيا أيها الايرانيون! لماذا تصرون على العناد والمكابرة؟ هل انتم احكم من العقيد؟ هو مثلكم ومثل صدام، كان لديه مشروع نووي (او توهم ذلك)، رعاه وطوره عشرات السنين، وأنفق عليه مليارات الدولارات. وفي النهاية، وما كادت امريكا توجه سهامها نحوه، حتى كاد يفعلها في تلافيف قماشه الكثير. فكر وفكر وفكر. ادرك انه حتى لو نفى وجود برنامج نووي، فلن يصدقوه. وحتى لو حلف بشرفه، لن يصدقوه، اذ ليس لعربي شرف في نظر عمو بوش. فما العمل؟
يقول الخبثاء ان القذافي الذي لم يكن لديه برنامج نووي ولا "احذية مقطعة"، استسر على تاجر اسلحة، قد يكون اسرائيليا، وضع يده تحت زناره. قال له: وصلت! ماذا تريد. قال برنامجا نوويا اتنازل عنه. ولك المبلغ الذي تريد، شريطة ان تكون بئرا عميقة للسر. وهكذا كان، تسلم العقيد البرنامج سلمه لأمريكا، فعفت عنه: إذهب فلستَ ارهابيا!
أيها الايرانيون!
لا تأخذوا الحكمة من أفواه.. العقداء!!
*ومضة*
هل ثمة صلة قربى بين ضابط الشرطة الذي يتذكره العرب باسم "ابو خضر"- الشويلي، وبين الرئيس الجورجي ميخائيل سكاشفيلي؟!
يوسف فرح
السبت 16/8/2008