تشييع رسمي في رام الله هو الأول منذ جنازة عرفات:
محمـود درويـش يستكين اليوم
فوق تلـة تطـل علـى .. الـقـــدس



حيفا- مكتب "الاتحاد"- لن يدفن محمود درويش في أرضه الأم، ولن يحتضن تراب الجليل جسد الشاعر الفلسطيني. محمود درويش سيستكين للمرة الأخيرة على تلة تقع جنوب رام الله وتطل على مدينة القدس. اليوم، يودع العالم العربي الشاعر الكبير الذي حمل قضيته في أشعاره، والذي أبكى الملايين حين سلم روحه التي ألهمت وأبدعت وناضلت. منذ وفاته والصحف العربية تروي حكايته وتستعيد اشعاره ومواقفه، غاب جسدًا وبقي شعرًا وروحًا وقضية حملها إلى تلك التلة المطلة على القدس.
 يشيع الفلسطينيون اليوم الشاعر الكبير محمود درويش في مدينة رام الله. وسيصل جثمانه على متن مروحية عسكرية اردنية الى مقر الرئاسة حيث ستجري مراسم تشييع رسمية يلقي خلالها الرئيس محمود عباس كلمة وداعية، قبل أن تنطلق الجنازة الى مقر قصر الثقافة في المدينة، ليدفن بجوار الصرح الثقافي الابرز والاكبر في الاراضي الفلسطينية، وستكون جنازة درويش في رام الله أول جنازة رسمية تقيمها السلطة الفلسطينية منذ جنازة الرئيس ياسر عرفات في العام 2004.
وستبدأ مراسم التشييع بعد صلاة الظهر وقد اختارت السلطة الفلسطينية تلةً تقع جنوب رام الله وتطلّ على مدينة القدس، لدفن الشاعر إلى جانب قصر الثقافة الذي أقام فيه آخر أمسياته الشعرية.
وبدأت بلدية رام الله يوم أمس الأول الاثنين باعداد الموقع الذي سيقام فيه ضريح درويش والذي سيكون الى جانب قصر الثقافة في البلدية. وقالت جانيت ميخائيل رئيسة بلدية رام الله: "البلدية قدمت قطعة أرض بمساحة دونم حيث سيدفن الشاعر الكبير محمود درويش وسيكون مكانًا لتخليد ذكراه". وسيكون الضريح الى جانب المكان الذي ألقى فيه درويش آخر قصائده الجديدة (لاعب النرد) و(محطة قطار سقط عن الخريطة) في تموز الماضي.
وعقدت الحكومة الفلسطينية في رام الله في الضفة الغربية جلسة خاصة أول أمس الاثنين "وفاء لروح الراحل الكبير وأحد أعلام فلسطين وفقيد الثورة والشعب، شهيد الوطن والثقافة الإنسانية". وقال سلام فياض رئيس الوزراء الفلسطيني في بيان تلاه في بداية الجلسة "برحيل فارس الوطن والكلمة العذبة والجميلة يفقد الشعب الفلسطيني واحدًا من أبرز بناة الهوية الثقافية والوطنية لشعب فلسطين الذي خلد بأشعاره الجميلة كفاح شعب ومعاناة أمة".
وأضاف: "استحق درويش مكانته حاملاً قضية شعبه ومكانتها في رحب الانسانية والانتصار للحق والعدالة وحق الحياة...لقد تجاوزت به فلسطين حدود الجغرافيا وقيود السياسة وقصور الذاكرة وحمل عاشق فلسطين هموم شعبنا وأمتنا العربية في كل المحافل وأطلق عصافير الجليل لتحلق عاليا في الذاكرة الانسانية". ووصف فياض درويش بأنه "قائد وطني ومبدع انساني.. انت يا محمود أحد أركان الوطنية المنبعثة مع قائدنا الخالد أبو عمار".
وتلقى الرئيس الفلسطيني العديد من برقيات التعزية في رحيل درويش من عدد من الرؤساء والملوك واعضاء السلك الدبلوماسي المعتمد لدى السلطة الفلسطينية. وجعل درويش رام الله دارا له منذ عودته في التسيعينيات الى الضفة بعد بقائه في المنفى سنوات طويلة. وترجم العديد من دواوينه الى العبرية وان حظرت رسالته الوطنية في إسرائيل كما أُلغيت سريعا خطة بتدريس أشعاره في المدارس الاسرائيلية.
وتوفي الشاعر (67 عاما) السبت بعد مضاعفات عقب خضوعه لجراحة في القلب في مستشفى في ولاية تكساس الأمريكية. وأعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس الحداد العام لمدة ثلاثة أيام، وتجمع فلسطينيون مساء الجمعة في شوارع رام الله في الظلام وهم يحملون الشموع ويبكون.
وتوفي درويش بعد وضعه على أجهزة التنفس الاصطناعي ليومين، في محاولة لمواجهة مضاعفات عملية القلب المفتوح التي خضع لها الأربعاء الماضي. وقال طبيب الشاعر، عبد العزيز الشيباني، إن قرارا اتخذ بالتشاور بين الأطباء وأسرة الشاعر الكبير بنزع أجهزة الإحياء عنه بعد أن تبين استحالة عودة وظائفه الحيوية إلى طبيعتها. وخضع الشاعر الفلسطيني للجراحة على أيدي الجراح العراقي حازم صافي، وهو من أفضل الجراحين في العالم في هذا المجال.
ويعتبر درويش أحد أهم الشعراء الفلسطينيين المعاصرين، الذين ارتبط اسمهم بشعر الثورة والوطن، وبين أبرز من ساهموا بتطوير الشعر العربي الحديث الذي مزج شعر الحب بالوطن. وقام درويش بكتابة إعلان الاستقلال الفلسطيني الذي تم إعلانه في الجزائر عام 1988.

 

*إطلاق اسم "محمود درويش" على المركز الثقافي لبلدية جنين*

وأعلن القائم بأعمال رئيس بلدية جنين علي الشاتي عن إطلاق اسم الشاعر الكبير محمود درويش على مجمع بلدية جنين الثقافي، ليصبح اسمه "مركز محمود درويش للثقافة والإبداع"، وذلك وفاءً وتقديرًا وتخليدًا لروحه. وأكد المجلس البلدي في بيان عمّمه على وسائل الإعلام أن الشاعر درويش حمل هموم هذا الوطن وجسده بشعره. ونعى الشاتي وأعضاء المجلس البلدي للشعبين الفلسطيني والعربي والأمتين العربية والإسلامية الشاعر محمود درويش الذي أمضى حياته مناضلاً للوطن والشعب والقضية.

الأربعاء 13/8/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع