هل تستخلص العبرة الصحيحة يا شعبنا !



لا نتذكر في العصر الحديث، خاصة بعد رحيل خالدي الذكر الرئيس جمال عبد الناصر والرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، ان أي شخصية عربية او اجنبية، سياسية كانت ام ادبية، نالت مثل هذا التقدير والاهتمام على مختلف المستويات، العالمية والعربية والفلسطينية، والصعد الرسمية والشعبية، ومن مختلف هويات الانتماء والعقائدي والسياسي والقومي، لا نذكر ان أي انسان من كل هذه المشارب المتنوعة نال هذه الدرجة العالية من الاهتمام التي حظي بها فارس فرسان الشعر والشعراء عاشق فلسطين الشاعر والشخصية الوطنية المتميزة الشاعر محمود درويش ابن البروة المنكوبة وابن الشعب الفلسطيني القادم. وبرأينا ان الاهتمام العربي والعالمي المتقطع النظير يعكس حقيقة التعاطف التضامني مع الكفاح العادل للشعب العربي الفلسطيني الذي كان للشاعر العملاق شرف حمل قضية هذا الشعب اكثر من خمسين سنة في مختلف ساحات ومنابر بلدان العالم. لقد استحق محمود درويش وبجدارة وسام شاعر القضية والمقاومة الفلسطينية ورجوة الهدف الاستراتيجي المركزي بالتحرر والاستغلال الوطني.فاصالته الوطنية المميزة والصادقة ولغته الادبية والشعرية الابداعية الاصيلة البعيدة عن التصنع المزين ودرجة وعيه السياسي السياسي الوطني العالية جعلته رمزا للوحدة الوطنية الفلسطينية وأهل لثقة جميع التيارات الوطنية الفلسطينية التي حملته الامانة الوطنية والمسؤولية، الوطنية في صياغة وثيقة الاستقلال الفلسطيني في الدورة الثامنة عشرة للمجلس الوطني الفلسطيني الذي عقد في الجزائر في تشرين الثاني الثمانية والثمانين من القرن الماضي.
واليوم وشعبنا العربي الفلسطيني يودع الشاعر العملاق والوطني الاصيل الباقي ابد الدهر بيننا بما اورثنا من موروث ادبي وطني لا يقدر بثمن، اليوم، وفي هذا الظرف المصيري حيث انظار العالم اجمع تتجه الى نقطة الضوء المركزية، الى شاعر فلسطين وشعب وقضية هذا الشعب، اليوم وفي هذا الظرف الطارئ والمفاجئ، تمزيق الوحدة الوطنية والصراع الفلسطيني – الفلسطيني والانقسام الفلسطيني ومحاولة خلق تعددية عناوين فلسطينية تعتبر خناجر سامة وقاتلة في قلب القضية الوطنية ومحاولة لاغتيال موروث محمود درويش الوطني الكفاحي في خيانة وطنية لدماء قوافل الشهداء والجرحى ومعاناة الوف الاسرى الفلسطينيين الذين بهروا قضية الحرية والاستقلال الفلسطيني والتخلص من براثن الاحتلال الكولونيالي الاسرائيلي الهمجي الغاشم.
هل نستخلص العبرة الصحيحة من صرخة ألم محمود درويش وهو يصور مأساة للشرذمة والصراع الفلسطيني – الفلسطيني؟!! ففي "يوميات: انت منذ الآن غيرك! كتب محمود درويش: "لولا الحياء والظلام، لزرت غزة، دون ان اعرف الطريق الى بيت ابي سفيان الجديد، ولا اسم النبي الجديد! ولولا ان محمدا هو خاتم الانبياء، لصار لكل عصابة نبي، ولكل صحابي ميليشيا! اعجبنا حزيران في ذكراه الاربعين، ان لم نجد من يهزمنا ثانية هزمنا انفسنا بأيدينا لئلا ننسى"!!
هل يستخلص من يحب ان يستخلص العبر، خاصة من تطاولوا على الشرعية الفلسطينية في قطاع غزة وجميع دعاة شرذمة وحدة الصف الوطنية ان المحك الاساسي في المعركة من اجل التحرر والاستقلال الوطني هو اولا وقبل كل شيء للوحدة الوطنية الكفاحية المتمسكة بثوابت الحقوق الوطنية في المعركة لكنس المحتلين والتخلص من دنس وجودهم، لقد قررت القيادة الفلسطينية والسلطة الوطنية الفلسطينية بالتنسيق معا عائلة الفقيد وعلى مختلف التيارات الوطنية ان يدفن جثمان محمود الطاهر على ارض فلسطين المحتلة في رام الله. نحترم هذا القرار ونأمل ان يكون مؤقتا وان ينجح السلام العادل الذي تسمح بعودة اللاجئين وجثمان محمود درويش الى قرية البروة.

الثلاثاء 12/8/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع