تصاعدت في الآونة الأخيرة وتيرة الاعتقالات بين صفوف الشبان العرب على أرضية أمنية. فحسب ما نشر في وسائل الإعلام الإسرائيلي فقد تم، في السنتين الأخيرتين، اعتقال عشرات الشباب العرب بتهم الضلوع بإعمال "مخلة بالأمن والتآمر على الدولة" أو "الانضمام إلى منظمات معادية". وكان أخر هذه الاعتقالات والتهم اعتقال ستة شبان عرب من القدس والطيبة بتهمة التخطيط لعدة عمليات فدائية وعلى رأسها التخطيط لتفجير الطائرة التي أقلت الرئيس الأمريكي جورج بوش في زيارته الأخيرة لإسرائيل. اعتقال أخر تم التطبيل والتزمير له حدث قبل أسبوعين لأخوين من رهط . في الحالتين تم ربط "الخلايا التخريبية" في تنظيم القاعدة. ليس اقل من ذلك، شباب في بداية حياتهم متهمون بقيادة خلايا محلية لتنظيم القاعدة. وتجدر الإشارة أن هناك طلاب عرب كثر يتم اعتقالهم من نقطة العبور الأردنية أو في المطار عند عودتهم إلى البلاد دون علم أهلهم يتم الإفراج عنهم بعد عدة أيام من اعتقالهم. المصيدة الأكثر شيوعا لهؤلاء الشباب هي كونهم هواة "الإبحار" في الانترنت ومواقعه الكثيرة والمختلفة. ليس غريبا على أي هاو لاستعمال الانترنت البحث عن مواقع لتنظيم معين في الأخبار مثل: حزب الله، حماس، القاعدة أو غيرها. هذا ما يفعله كل هاو للانترنت في الولايات المتحدة، أوروبا أو اليابان. لكن عندما يقوم بذلك طالب عربي جامعي مثلا فان هدفه ليس حب الاستطلاع وزيادة معلوماته وإنما التعلم على طرق بناء قنبلة أو الانضمام لهذه التنظيمات؟ لقد أصبح أبناؤنا معرضين للملاحقة والصاق التهم الخطيرة لهم فقط لأنهم يتابعون مواقع "حساسة" مثل كل هواة الإنترنت في العالم. على ما يبدو فان العقلية الإسرائيلية الأمنية المريضة أصبحت تراقب هذه المواقع والمعنيين فيها. ويلعب الإعلام الإسرائيلي الحر؟ وكعادته دورا سلبيا جدا في المساهمة في التحريض على العرب حيث يبرز اعتقال الشباب العرب والتهم المنسوبة لهم ويوحي وكأن المتهمين قد اعترفوا بذلك. ولا يكترث هذا الإعلام عندما يثبت بطلان هذه التهم ويطلق سراح هؤلاء الشباب. هذا الأمر يذكرني باتهام احد الشباب العرب، اقل الطائرة لأول مرة في حياته، بمحاولة اختطاف طائرة العال الإسرائيلية. الإعلام الإسرائيلي وعلى صدر صفحاته الأولى وبعنوان رئيسي ودراماتيكي نشر الخبر وحكم على "الجاني" مسبقا بحدوث عملية الاختطاف. وأكثر من ذلك فقد سمح الإعلام الإسرائيلي للأقلام المغرضة والمحللين المرضى بالكراهية للعرب بالتحريض على الجماهير العربية برمتها. وعندما تبين أن المتهم لم يخطط ولم يخطر على باله اختطاف طائرة وكل ما في الأمر أن مشادة حدثت بينه وبين مضيفة الطائرة تم إطلاق سراحه بعد معاناة طويلة في تركيا. يومها غاب عن الساحة الإعلام الإسرائيلي ونسي الأمر وكأنه لم يكن. لا يمكن الهروب من الانطباع أن المجتمع الإسرائيلي وقيادته السياسية والأمنية قد فقد، في السنتين الأخيرتين، المناعة والثقة في النفس والتي طالما روج لها. الحكومة الإسرائيلية التي تتخبط في اختلاسات رئيسها وبعض وزرائها لم تعد قادرة على حل قضاياها لا مع حزب الله ولا مع حماس ولا قضايا المجتمع الإسرائيلي الحارقة. ولكي يحفظ ماء وجهه بدأ في الآونة الخيرة إثقال يديه على المواطنين العرب في إسرائيل. هذا الأمر يخدم الخطاب الأمني الإسرائيلي والذي يعتبر عامل الخوف وتخويف المواطن اليهودي والمجتمع الإسرائيلي برمته وسيلة ناجعة لتمرير سياسات أمنية في غير صالح دولة إسرائيل. كذلك فان هذه السياسة والتي توحي بان العدو العربي "يجلس بينكم" تخدم اليمين الإسرائيلي والحركات الفاشية التي تحاول نزع الشرعية عن الجماهير العربية في إسرائيل. الجماهير العربية في إسرائيل بمؤسساتها، حركاتها السياسية، الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني مدعوة لمراقبة هذا التوجه الجديد الخطير عند المؤسسة الأمنية الإسرائيلية والإعلام الإسرائيلي ورصد هذه الاعتقالات والوقوف ضدها وفي نفس الوقت دعوة شبابنا إلى الحذر الشديد ليس فقط من الوقوع في فخ منظمات مثل القاعدة وغيرها وإنما من الوقوع في براثن المخابرات الإسرائيلية واذرعها التي لا تريد الخير لشبابنا.