الحياة فعلا ، ليست سوى نكتة ، ولا تستحق منا كل هذا العناء ، فكل يوم نموت أكثر من مرة ، ولكننا نعود لمصارعة ثيران مصائبها دون رداء أحمر، فتسحقنا من جديد، والأسطورة أو البطولة تقع على من يصمد .
لماذا نصر على مواجهة كل ما يقف في طريقنا من عقبات وعوائق تحجم أو تثير
التساؤلات والشبهة حول ماهية وجودها ، فنسير سادرين في إصرارنا على المواجهة
مهما كانت مكلفة وغالية الثمن ، فالحياة التي نلتحفها ونتشبث بأظافرنا وأسناننا بها تستحق ما نعانيه من أجلها فيما لو تحققت العدالة الاجتماعية وتساوت الحقوق لدى الجميع على مستوى الوطن ، أما إذا كانت حكومات العالم والمجتمعات الأخرى هي من تساهم في وضع العراقيل والعقبات أمام وجود شعب بأكمله ، فهنا مصيبة المصائب وقمة الظلم والتنكيل على ظهر كوكب الأرض حيث يعجز العقل عن التفكير والتدبير في قضية في غاية التعقيد والصعوبة !
دماء أبناء الشعب الفلسطيني ليست زرقاء ولا رخيصة كما يدعي بعض المتفذلكين من الحكام الذي يدعمون الكيان الصهيوني معنويا وماديا حتى بعد افتضاح أمره في قتل الأطفال والشيوخ والنساء ، ولكن العكس هو الصحيح ، فالإرادة والعزيمة التي يمتلكها هذا الشعب على مواجهة الظلم الكوني ، لهي أكبر دليل على صدق الانتماء لهذه الحياة ، رغم جفاف الحليب في ضروعها ونضوب منابع الخير فيها مقارنة بحياة شعوب هذا الكوكب الأخرى، حيث يغرقون في بحور من سعادة ونعيم وحبور ومقومات وجود واستقرار أخرى ، لا تعد ولا تحصى ،وتساهم في رفع رصيدهم المعنوي في التشبث بهذا الوجود .
نرى نتائج عكسية تماما لو تمحصنا جيدا في دراسة مدى نسبة انتماء والتصاق
شعوب الدول المتقدمة بالحياة والوجود ، فلماذا تهون لديهم الحياة ما دامت دروبها سهلة ويسيرة ؟
إن تبعات الحياة وأعباءها الثقيلة تجعلنا نفكر مليا في أحايين كثيرة أن الحياة لا تستحق منا كل هذا الجهد والتفكير والأثمان الباهظة لكي نحياها ، فندرك في قرارة أنفسنا أننا مخطئون تماما ، وأن هذا الحياة ما هي سخافة عابرة علينا اجتيازها بأرخص التكاليف والجهود .
الحياة قضية ، هكذا يقول منظرو علم الإجتماع والفلسفة والفكر والدين ، والحياة تصبح أيضا قضية كبرى إذا كان هناك من يتربص بوجودنا وكينونتنا ، فالأمر يبقى عاديا وروتينيا ومألوفا ما لم يتدخل أحد بخصوصياتنا وبقينا مستقلين في إرادتنا ونعزف ما يحلو لنا على أوتار وجودنا ، وهذا ما يجري بالفعل على الساحة الفلسطينية حيث هب هذا الشعب لحمل سيف طموحه ليعيش بعزة وكرامة وشرف مهما كانت النتائج !
لطفي خلف *
الخميس 24/7/2008