لقد سبقني آحاد هعام من اشهر الكتاب اليهود الى هذا الموضوع، عندما كان اليهود موزعين في المهاجر بعد هدم هيكل سليمان الثاني سنة 70 م على يد تيطوس الروماني لتعود ثانية فكرة لمّ الشتات واقامة وطن قومي لليهود. نحن – الحمد لله – الوطن موجود، والولد مولود والأخ الحنون شردته النكبات وشرذمته العصرنة وقطّعته الارياح. وتتباعا للمقالة التي نشرتها في 1/7 حول "نكبة شعب – ام شعب منكوب" فقد دار الحديث حول انماط سلوكياته وحياته، قسرا وعنوة، وليس من باب الرقي المجتمعي والتطور الطبيعي لهذا المجتمع فجأة من مجتمع فلاحين، الى ورثاء الفلاحين – نحن – الى دولة مقوننة واجهزة مخابرات، والقوانين تتقلب وتتغير حسب مصالح الدولة والتي يحملها، تقزيم الاصليين – الفلسطينيين – تضييق الخناق، ومحو تراثهم وهويتهم، والصبر والتين وكل معلم لهذا الشعب عبر ستين عاما. والويل ثم الويل للاجيال الصاعدة، التي تتربى بلا جذور ولا انتماء مجتمعي، تقليدا للقادمين الجدد، وتقليدا للوسط اليهودي، اعتقادا منهم، ان الشعب اليهودي امّة. فسكان الدولة ليسوا امة او شعبا (قانون من هو اليهودي) بل فئات وشرائح مختلفة من كل اقطار العالم، لا يجمعهم لغة واحدة، ولا ثقافة واحدة، ولا انماط سلوكية واضحة. فالروسي يحمل الروسية، والمغربي يحفظ التقاليد المغربية وغيرها.. من شرق اوروبا. هذه الشرائح وقعت تحت تأثير الحركة الصهيونية وعمليات غسل دماغها ، ومن جهة اخرى تغليب الاكثرية اليهودية، وايجاد قوى دائمة لتخدم في صفوف جيش الدفاع الاسرائيلي، لأن البنية الاساسية لاقامة دولة اسرائيل من قبل الغرب والسعي الحثيث والاعتراف هو وجود ذراع دائم يحمي مصالح الدول الغربية المصنعة من بترول واسواق محلية لبيع منتجاتها. ومن المؤسف ان البعض ذهب بعيدا وانصهر كليا في هذا الجو العام، وراهن على حياته واستمراريته مع الواقع، والبعض يقلد تقليدا اعمى بعيدا عن الاعراف والمتعارف عليه، وبالتالي الشعور بالغربة ثم الرحيل والهجرة، خاصة في المدن المختلطة، والبعض وجد الحماية في الدين والتدين حتى لو كان عبثيا مع الواقع، والآخر لا يزال يحمل صليبه يحاول ان يجد التوازن والاعتدال بين المواطنة وروح الشعب. وهذا ليس بالامر البسيط عملية التأرجح خاصة في حالة التشرذم التي تصيب شعبنا في الضفة والقطاع، ان الواقع مُر، والامر منه هو الظروف الاقتصادية والغلاء الفاحش بدءا من الخبز والحليب، المنتوجات الاساسية، وفي دولة تحولت 90% من مؤسساتها الانتاجية استثمارات خاصة، فاصرخ يا يوسف، في البئر علّ الاقدار تغير مجرى الرياح. فلم يعد الآن الا القدر هو الشفيع، عندما الدولة تأكل شعبها، وتزج بابنائها لآلات الدمار، طمعا بالرواتب المضمونة مقابل، حفنات من الدماء، في حين ان طريق السلام اقرب الى العين من الاحلام.