ينشطر القلب من الحالة المأساوية التي وصلت اليها قضيتنا الفلسطينية جراء الانقسام الفظيع الذي يمزق القضية ويمزق الشعب حيث وصلنا الى حافة الانتحار السياسي حيث بات ضياع اعدل قضية عرفها التاريخ اقرب الى الواقع من اقامة الدولة الفلسطينية في حدود الـ 67، لم تكن هذه الحالة قضاءا وقدرا ولا هي بفعل شيطان اخرس، لا يشك عاقل ان المستفيد الوحيد جراء هذا الانقسام هو اسرائيل والحركة الصهيونية، وهذا يعطينا اكثر من دلالة على ان اصابع صهيونية كانت وراء هذا الانقسام وتبعاته. لا اعتقد ان سبيل المفاوضات هو السبيل الامثل لشعبنا الفلسطيني ولكن في الظروف الدولية، هيمنة الامبراطورية الامريكية، والظروف العربية، في حالة الموت السريري وميزان القوى العسكري بين اسرائيل والمنظمات الفلسطينية الذي يميل بشكل واضح لصالح اسرائيل، كل هذه المتغيرات في المحاولة السياسية تجعل من المفاوضات الطريق الاقل ضررا على الشعب الفلسطيني وعلى قضيته، لست ساذجا لاعتقد ان المفاوضات ستؤدي الى قيام دولة فلسطينية واعتقد ان هذا لن يتم في المستقبل المنظور ولكن على الاقل توقف شلالات الدم ومئات الشهداء والدمار الذي يحل بالشعب الفلسطيني، اقول وبشكل واضح لا لبس فيه ان طريق المفاوضات تمكننا على الاقل ان نبتسم للحياة وهذا بحد ذاته انتصار في ظل هذه المحاولة تماما كما وصفها شاعرنا محمود درويش اجمل وصف في حصار بيروت في حرب لبنان، حيث البقاء على الحياة هو في حد ذاته انتصار. في هذا الصدد يمكننا ان نبحث عن آليات اتصال جديدة كالعودة الى انتفاضة الحجارة او نجرب المسيرات والمظاهرات الصامتة والهند خير مثال على ذلك حيث جرى تحرير الهند بدون طلقة رصاص واحدة وهذه هي طريقة غاندي.
في ظل هذه المعادلة المعروفة سلفا لحماس يسأل السؤال لماذا قامت حماس بالحسم العسكري او الانقلاب على السلطة في قطاع غزة. هل اعتقدت حماس انها بمجرد الحسم العسكري حسب تعريفها هي في قطاع غزة فان دبابات وطائرات الدول العربية او الاسلامية ستكون في طريقها الى غزة لتحرير فلسطين من البحر الى النهر؟
هل اعتقدت وبشكل حازم حيث قامت بالحسم العسكري ان مجرد اقامة دولة اسلامية في غزة ستقوم الشعوب الاسلامية بالدخول الى غزة افرادا وجماعات لتحرير فلسطين؟ وحين لم يتم هذا الامر نرى حماس وبعد ايام من التهدئة مع اسرائيل تصب جام غضبها على كتائب شهداء الاقصى لاطلاقها الصواريخ على اسرائيل، وحسب تعريف حماس ان هذه الصواريخ تعبث بالمصالح العليا لشعبنا الفلسطيني، ويا للمفارقة فقبل استيلاء حماس على السلطة في غزة وعلى الرئيس الفلسطيني محمود عباس لايقاف هذه الصواريخ العبثية تمهيدا للهدنة مع اسرائيل تشمل الضفة والقطاع، في حينها وصفت حماس الرئيس الفلسطيني بانه امريكي وصهيوني وقالت له كل الصفات التي يندى لها الجبين وفي حينها كانت صواريخ حماس هي صواريخ المقاومة التي ستحرر فلسطين من البحر الى النهر، وكانت صواريخ حماس هي صواريخ العزة والكرامة التي ستنتصر بها على اسرائيل اما الآن فبعد سيطرة حماس على القطاع استخدمت نفس التعيير الذي استخدمه الرئيس الفلسطيني حيث تصف صواريخ كتائب شهداء الاقصى بالعبثية التي تعبث بالمصالح العليا لشعبنا الفلسطيني وتصفها بأنها صواريخ قاطعة طرق وغير مفيدة وهذا يفرض علينا التساؤلات التالية: ما الذي تغير في المعادلة السياسية حتى تصبح نفس الصواريخ صواريخ عبثية وليست صواريخ مقاومة؟ ألأنها صواريخ غير صواريخ القسام؟ منذ سيطرة حماس على القطاع، كتبت مقالة في حينها "لا تقولوا لي انتصرنا ، ان هذا النصر ستر من هزيمة" واعتبرت ان الهدف الاساسي لحماس هو السلطة والسيطرة على القطاع، ليس الهدف هو تحرير فلسطين من البحر الى النهر ولا كل الاهداف التي كانت تدعو لها قبل الحسم العسكري او الانقلاب واعتبرت في هذا المقال ان كل الاعمال التي كانت تقوم بها حماس في ظل السلطة من فوضى السلاح في القطاع والصواريخ التي تطلق باتجاه اسرائيل انما كان الهدف هو زعزعة السلطة في القطاع تمهيدا للسيطرة بالقوة على قطاع غزة وهذا بالفعل ما حصل، الآن نقول لحماس انه سقط القناع وشعبنا الفلسطيني لا ينسى احد ولا يرحم احد ولمصلحة حماس اولا ولمصلحة شعبنا الفلسطيني نقول لحماس ان تعود الى الصف الوطني الفلسطيني عبر العودة الى الوحدة الوطنية الفلسطينية حيث العودة الى الشعب الفلسطيني ليقرر مصيره عبر الانتخابات، انتخابات رئاسية وتشريعية في اسرع وقت ممكن، في ظل هذه الظروف التي تتصرف حماس تماما كما كانت تتصرف السلطة وتعبر عن نفس نهج السلطة في حينه، فان الفاصل الوحيد والحكم الوحيد القاطع لمستقبل شعبنا الفلسطيني هو الشعب الفلسطيني بعينه حيث العودة اليه عبر الانتخابات ليقرر مصيره بيده.
(كابول)
محمد جمل *
الأربعاء 9/7/2008