لبنان: المعارضة تُمهل السنيورة 48 ساعة: التأليف ... أو الاعتذار
تكثّفت المساعي الداخلية من أجل إيجاد مخارج لأزمة التأليف الحكومي المفتوحة على مصراعيها لليوم الثالث والعشرين على التوالي، وبينما كان رئيس الحكومة المكلف فؤاد السنيورة يحزم حقائبه استعدادا للتوجه الى مؤتمر فيينا للدول المانحة يوم الأثنين المقبل، كانت قيادات المعارضة تجري تقييما شاملا لما آلت اليه الأمور بعد مرور شهر على توقيع اتفاق الدوحة، وقررت في ضوء سلسلة اجتماعات مكثفة، إعطاء مهلة محددة لا تتجاوز الثماني والأربعين ساعة، أي عطلة نهاية الأسبوع، قبل الانتقال الى مرحلة سياسية جديدة. في المقابل، كانت الموالاة تحمّل المعارضة وتحديدا العماد ميشال عون مسؤولية عرقلة عملية التأليف، فيما كان عون يرد، كما نقل عنه زواره، بأنه لن يتخلى عن حقه بحقيبة سيادية، مؤكدا أن المعارضة بكل أطيافها متضامنة معه، وقال لمن راجعوه داخليا وخارجيا «ثقوا بأن أية حكومة لن تتشكل اذا لم يكن «تكتل التغيير» جزءا لا يتجزأ منها». وبين هذا الموقف وذاك، كانت عملية التشاور مستمرة بين عين التينة وقريطم وبين عين التينة والسراي الكبير، حيث اجتمع النائب علي حسن خليل، أمس الأول، مجددا بالنائب سعد الحريري وبعض مستشاريه، فيما كان رئيس الحكومة يحاول عبر بعض مستشاريه تقديم صيغ جديدة، أبرزت تراجعا عن منطق السلتين اللتين كان قد تم وضعهما أمام العماد عون والمعارضة وذلك لمصلحة «خلطة جديدة» للسلتين، تضمنت تسع حقائب للمعارضة بدلا من ثماني، ولكنها لم تتجاوز سقف الحقيبة السيادية الواحدة، أي الخارجية وحدها، الأمر الذي اعتبرته قيادة المعارضة «ليس كافيا حتى الآن ولا يفي بالمطلوب وبالتالي يجب الذهاب مباشرة الى صلب الموضوع (سيادية لعون)». وفي هذا الوقت كان المقربون من رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان يدفعون باتجاه أن تتشكل الحكومة قبل انعقاد القمة الروحية في القصر الجمهوري يوم الثلاثاء المقبل وقبل سفر الرئيس المكلف الى فيينا «لأنه لا يجوز أن يعتاد العالم على صورة العهد الجديد وكأنه عهد تصريف أعمال منذ الشهر الأول، وهنا تكمن مسؤولية الرئيس المكلف في أن يعطي الأولوية للتكليف وليس للجولات والزيارات الخارجية وكأن الأزمة ستقيم حتى اشعار آخر»... وهو الأمر الذي حذّر منه صراحة أمس، النائب غسان تويني عبر قوله ان انعقاد القمة الروحية الثلاثاء المقبل هو تاريخ مفصلي، «فإذا لم يتمكن (السنيورة) من تأليف الحكومة فليعتذر بعد ذلك وهذا أشرف له». وقال مصدر قيادي بارز في المعارضة لـ«السفير» ليل أمس، انه عندما يتحول تكليف السنيورة الى عامل عرقلة للتأليف الحكومي ولانطلاقة العهد الجديد، على رئيس الجمهورية، وهذه هي مسؤوليته أولا، أن يتحرك من أجل ايجاد مخرج ومثلما كان البعض خلاقا باختلاق المشاكل والعوائق، عليه أن يكون خلاقا بإيجاد الحلول والا عليه أن يبادر الى الاعتذار حتى يفتح الطريق أمام من يكون بديلا له». وعلمت «السفير» ان المعارضة تواصلت في الساعات الأخيرة مع الجانب القطري وأبلغته موقفها وأن مسؤولية البحث عن مخارج هي مسؤولية الرئيس المكلف ومعه رئيس الجمهورية والا أصبح التكليف بحد ذاته هو عنصر التأزيم السياسي، وتردد أن الجانب القطري الذي ما يزال يتريث، قرر بدوره وضع سقف زمني وسياسي، اذا تم تجاوزه من قبل الأطراف الداخلـية، لا بد عنـدها من أن يتحرك لحماية اتفاق الدوحة. وعلمت «السفير» أيضا أن الرئيس بري قرر وضع موضوع التقسيمات الانتخابية على نار حامية، حيث سيطلب في الأسبوع المقبل تكثيف اجتماعات لجنة الادارة والعدل النيابية تمهيدا لدعوة الهيئة العامة للانعقاد من أجل بت التقسيمات الانتخابية حسب اتفاق الدوحة. ونقل زوار الرئيس بري، صباح أمس، (أقفل أبواب عين التينة مساء أمس، على غير عادته)، عنه قوله «ليتفضلوا ويكملوا تنفيذ اتفاق الدوحة. القانون الانتخابي ليس في الأصل لمصلحة أحد بعينه. هو يضعنا جميعا في مكانة يصح القول فيها «على السكين يا بطيخ»... والشاطر بشطارته وشعبيته وتحالفاته الا اذا كان هناك من يصر على جعل موضوع الحكومة منصة هجوم ضد ميشال عون انتخابيا وعندها تنكشف لعبتهم التي طالما حذرنا منها».. وقال بري ان اتفاق الدوحة لم يراع في موضوع التقسيمات الانتخابية لا مطالب حركة «أمل» ولا «حزب الله»، بل راعى بشكل خاص المطلب المسيحي التاريخي بتقسيمات متوازنة، وأشار الى أن المجلس سينكب أيضا على مناقشة سلة المطالب الاصلاحية التي تضمنها مشروع الهيئة الوطنية برئاسة الوزير الأسبق فؤاد بطرس في ضوء اقتراح القانون الذي تقدم به كل من النائبين غسان تويني وغسان مخيبر، ولكنه أوضح أن موضوع خفض سن الاقتراع الى 18 سنة كما ورد في مشروع الهيئة يحتاج الى تعديل دستوري.