زياد حيدر - نيودلهي:- دعا الرئيس السوري بشار الأسد أمس، الهند «الصاعدة» إلى القيام بدور أكبر في العالم، وخصوصا في الشرق الأوسط، معتبراً أن المحادثات غير المباشرة بين سوريا وإسرائيل واتفاق الدوحة اللبناني «يمنحاننا سببا للتفاؤل» بشأن مستقبل منطقتنا.
ووقع الجانبان السوري والهندي، في اليوم الأول من زيارة الرئيس السوري إلى نيودلهي، ثلاث اتفاقيات للتعاون الزراعي وحماية الاستثمارات وتجنب الازدواج الضريبي، فيما أجرى الأسد لقاءات على مستويات مختلفة، فاجتمع بكل من رئيسة الهند براتي بها باتيل، ونائبها حميد الأنصاري، ورئيس الوزراء مانموهان سينغ، ورئيسة الحزب الحاكم صونيا غاندي، ووزير الخارجية برناب موكرجي.
من جهته، اعتبر وزير الخارجية السوري وليد المعلم، الذي يرافق الأسد في زيارته، أن دمشق تطبق دبلوماسية تستهدف الانفتاح على الجميع «باعتبار أن الغرب ليس كل العالم»، فيما أشارت وزيرة المغتربين بثينة شعبان لـ «السفير» إلى أن الزيارة للهند تشكل الخطوة الأولى في عملية الانفتاح شرقا التي تتبعها سوريا، لافتة إلى أن البلدين اتفقا على تعزيز التعاون في مجالات الطاقة والغاز والفوسفات والمعلوماتية.
وأقيم للرئيس الأسد وعقيلته أسماء استقبال في قصر اشتراباتي بهافان، حيث قال للصحافيين إن العلاقات بين البلدين «تعود إلى التاريخ القديم، ونحن نجدد هذه العلاقات، ونفتح فصلا جديدا، ونتحدث اليوم عن الهند الصاعدة، وليس فقط عن الهند».
واعتبر الأسد أن ذلك يطرح أمام نيودلهي «مسؤوليات أكبر، ليس فقط في آسيا، بل في كل العالم، حيث إننا نعيش في منطقة مضطربة، والهند دائما أيدت قضايا العربية عموما والسورية بالتحديد، ونتوقع أن تقوم بدور إيجابي في عملية السلام في الشرق الأوسط، ونتوقع أن يكون هنالك تعاون في العديد من المجالات، كتعاون تجاري أكبر واستثمارات مشتركة، لذا فإنّ هناك أموراً عديدة يمكن الحديث عنها».
إلى ذلك، اعتبر الأسد، في كلمة ألقاها أمام مجموعة من رجال الأعمال الهنود، أن «المحادثات غير المباشرة بين سوريا وإسرائيل واتفاق الدوحة الذي شكل خطوة ملموسة تجاه المصالحة الوطنية في لبنان، يمنحاننا سببا للتفاؤل بشأن مستقبل منطقتنا»، مشدداً على أنّ «التزام سوريا بالإصلاح والتحرر الاقتصادي يتأثر بالوضع في الشرق الأوسط»، حيث أكد أن «السلام والاستقرار هما وحدهما القادران على ضمان تنمية مستدامة وازدهار طويل الأمد لمنطقتنا والعالم».
وبعد زيارته ضريح القائد الهندي المهاتما غاندي، التقى الأسد رئيس الوزراء مانموهان سينغ، حيث وقع الجانبان في ختام اللقاء ثلاث اتفاقيات لتشجيع الاستثمار وحمايته، ومنع الازدواج الضريبي، ومذكرة تفاهم للتعاون الزراعي. وكان من المتوقع أن تُوقّع اتفاقيتان أخريان للتعاون في مجالي الطاقة والفوسفات، لكن مسوؤلاً هندياً رفيع المستوى قال لـ«السفير» إن تأخر الوصول إلى مسودة نهائية حال دون ذلك، مشيراً إلى أن توقيعهما ممكن بعد الانتهاء من الدراسات الخاصة.
المعلم
من جهته، أكد المعلم أن دمشق تتبع دبلوماسية الآن منفتحة على كل الدول، وان سياسة الانفتاح شرقا، التي اتبعت في السنوات الأخيرة، لا تعني إهمال أفريقيا أو أميركا الجنوبية، مشيراً إلى أنّ «التوجه شرقا يتكامل مع مجمل علاقتنا الدولية، وهذا نابع من إدراك هذه الدول لأهمية موقع سوريا ودورها المحوري في إرساء الاستقرار في المنطقة».
وعن المفاوضات بين سوريا وإسرائيل قال المعلم «لم أجتمع مع المفاوض السوري، وقد انتهت الجولة وأنا في طريقي إلى الهند، لكن هناك بيانا إسرائيليا وصف المحادثات بالبناءة، وسنرى إن كانت بناءة أم لا».
وأوضح المعلم أنّ هذه العملية «لم تنطلق إلا بعدما نقل رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان التزاما إسرائيليا بالانسحاب من الجولان إلى خط الرابع من حزيران، أي إن الأرض هي الأساس، وتم الاتفاق على أن تبدأ المحادثات لكي تبحث عن أسس لانطلاق مفاوضات مباشرة على هذه الأسس».
وتابع أنّ «الجولة الثانية انتهت، وهناك حديث عن جولة ثالثة ورابعة، وسوف تستمر هذه المحادثات إلى أن نصل إلى تفاهم على أسسها، وحين تنطلق محادثات مباشرة فإنها ستكون بحاجة إلى راع نزيه ومهتم، يضع في أولوياته سلاما عادلا وشاملا، وألا تكون العملية على حساب الحقوق الفلسطينية أو الظروف المعيشية لأهلنا في غزة».
ورأى المعلم أنه من غير المهم النظر إلى وضع رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت، معتبرا أن «ما يهمنا، كائنا من كان في رئاسة الحكومة الإسرائيلية، هو من يلتزم بقرارات الشرعية الدولية ومبدأ الأرض مقابل السلام ... لذا ليس من شأننا من يكون رئيس الحكومة».
وسئل الوزير السوري عما إذا كان الأسد سيتوجه إلى فرنسا لحضور قمة الاتحاد من أجل المتوسط، فأجاب «أعتقد ذلك» مؤكدا أنّ الجانب السوري تسلم دعوة رسمية من باريس بهذا الخصوص.
الخميس 19/6/2008