- مكتب الكسل -
* هل يمكن ان يتحول الكسل الى فعل ايجابي للبحث عن المتعة، هذا المعنى طرحه الكاتب المصري ألبير قصيري الذي يكتب بالفرنسية اصلا. وقد عرض في روايته "كسالى في الوادي الخصيب" حياة مجموعة من الافراد لا يعرفون شيئا عن الغد، بل كأنهم يجهلون شيئا اسمه الغد.
ونكاد نلمس حالة الكسل هذه في مجتمعاتنا العربية بشكل خاص حيث يعتمد المئات على التسجيل في مكتب العمل. وقد انقلبت حياته الى انتظار ايام التسجيل وفيما عداها يدخن ويشارك في لعب الورق "فرق ومجموعات ودوريات" او يبحث (الموفطال) أي العاطل عن العمل او المتقاعد عن ديوان ويؤكد في بحثه عن الديوان انه يريد قضاء بضع ساعات الى ان يحين اذان الظهر مثلا فيتناول الغداء ويصلي وينتظر العصر ثم ينتظر السادسة مساء ليشارك في فرح او قراءة المولد النبوي... ولا يلبث ان يعود منتظرا مرور التاسعة مساء لأنها على حافة العبور الى ساعات الليل المتأخرة فيذبح يوم آخر على عتبات انتظار، وترقب الساعة، وواجبات اجتماعية من الممكن قضاء معظمها في اقل من ساعتين!
وفي البيوت يتكوم الكثير من العمل من تصليح ادوات وابواب.. ولامبة قد احترقت وحنفية ماء تسيل... ومن الممكن المتطوع في مؤسسة او التطوع من اجل الاحفاد والاولاد.. والقراءة.. وهذه الطور ليست حلولا لما تشجعه حكومة المشاكل والكوارث اصلا.. فهم يسعون بكل السبل الى افراغنا من مضاميننا كأناس يمكنهم العطاء لمجتمعهم لأن العطاء هو كرامة الفرد.. هم يريدون هذا.. يريدون ان نشعر بأننا عالة على مجتمعنا واهلنا وبيوتنا ونمد ايدينا لمكتب العمل.. ولا اطرح حلولا لمشكلة متجذرة ومستعصية في كل العالم المسحوق تحت اقدام غول اسمه الامبريالية العالمية المعولمة!
للنظر حولنا وسنعرف وسنرى كم من الامور يمكننا القيام بها بغض النظر عن ظروفنا المادية وحرماننا من فرص العمل فمزاولة النشاط الجسماني وقود لشعلة العقل حتى لا تخبو والخمول وانتظار احتراق الوقت هو الانتحار البطيء!!
**
- التشويش والتغيير -
لدينا صديق! افكارنا عنه سيئة! لا نكاد نطيقه وحين يتصل بنا لنخرج معه في مشوار... او زيارة فاننا نذهب.. بعد العودة نشعر مرة اخرى باننا لن نطيقه اكثر بعد الآن ولن نخرج معه ثانية الى اي مكان.. لكنه يضحك علينا دائما ونحن لا نتعلم من غلطنا ونعود لتلبية دعوة هذا الصديق؟! سألت عن هذه الحالة فأخبرني احد العارفين بامور علم الاجتماع انه يطلق عليها التشويش!
نعم لدينا الكثير من اصحاب الكراسي والمناصب الذين نعلن بأننا لن نعيدهم الى اماكنهم وحين يدعوننا الى وليمة او عرس او عشاء ويضحكون على ذقوننا بكلمة نذهب ونلبي الدعوة.. انها دعوة لاعادتهم الى كراسيهم.. ولا نلبث ان نندم عليها.. لكننا نكون قد الصقناهم بكراسيهم المخلخلة اصلا وامسكنا بها حتى لا يقعوا عنها..
**
التعود: يبدو ان التعود اخطر من التشويش كما احلله.. حسب معرفتي المتواضعة فهذه النظرية في علم الاجتماع او الحالة تسود مجتمعنا كثيرا.. فاذا اشترينا سيارة جديدة مثلا وكانت رائحتها كرائحة البلاستيك الجديد والفرش الجديد فهذا يضايق النفس.. تضايقنا الرائحة بداية ونعود للتعود عليها فننسى وجودها.. ونتذكرها حين يركب احدهم معنا، وهو لا يستعمل السيارة مثلنا وتسمعه يقول، ما اسوأ هذه الرائحة، وردنا لا يكون الا: عن جد الرائحة سيئة!!
والاعتياد على الامور السيئة هو كالاعتياد على الرائحة السيئة التي اصبحت عادية، بل اقل من عادية، شبه مفروغ منها! ولننظر حولنا الى روائح الفساد في مؤسساتنا دون التحديد اين، فالقارئ يملك حاسة شم قوية ويفهم جيدا المقصود..
نحتج في البداية ونطالب بالتنظيف ولا نلبث ان نتعود على روائح اكوام الزبالة ويتلاشى عزمنا غير الحقيقي على التغيير! فما اخطر التعود!
(مجد الكروم)
اسمهان خلايلة *
الخميس 19/6/2008