صحيح اننا يجب ان نواصل الكتابة، لنظل نقرأ فيما نكتب تفسيرا لمعاني الانسان الكبير الذي يسكن فينا، ونواصل عدم الكف عن صوغ انفسنا، والعبور الناجح والمتجدد الى ضفة بقائية بقائنا.. لكن، وفي نفس التواقت، ودونما استعادة للتفاصيل التي اصبحت جزءا من حياة كل واحد منا، نعرف ان واقعنا المعذب، وصل الى حد، لم يعد يطيق نفسه، لذلك صار يعبّر عن ذاته في صخب وضجيج. وكيف لا؟! ووعول السحب السوداء تغطي سماء فضائه، وقد رفع عازف الخراب هدير نشيده الجنائزي!! ولم لا؟! وهو يرانا، من قيلولته على حافة بركان حقده، امّة، ترضى ان تناخ وتُجزّ وتذبح، وتدخل انسانها الفرد، واحيانا دون معرفة منه، في الخفض، وهو ما نسميه نحن الاحباط واليأس – ومَن يريد عناوين لذلك، فليقرؤها في تدني النمو، والتقدم والانتاج والعلم، وفي استشراء الفقر، والبطالة والعوز والجهل. ونحن قارئاتي قرائي حينما نصور واقعنا بألوانه الحقيقية، ولو انها قاتمة، انما نقوم بذلك، لايماننا بضرورة اتباع آلية الريال بوليتيك، أي الاخذ بالوقائع كما هي، ولكن ليس لغرض تحويل مستقبلنا الى رماد او التوقيع على صك الخضوع لهذا الوضع التعيس – انما لنتوقف عن البحث عن الظهيرة في العصر، وعن التغيير في الخطابيات، وعن جلد وتأنيب ذواتنا وانفسنا – والخروج من حقول رؤى السراب، وترك طرق السير على زجاج متكسر.. والايمان الراسخ بأنني، انا العربي قادر على مواجهة المستقبل الحضاري وجعله قريبا. كيف؟! فقبل هنيهة فقط، عدت الى قناعتي التامة، بان الحل موجود فيّ، لا عند سواي؟!! فصباح رجوع القناعة لمَن يعرف ان الباب، اما ان يفتح او ان يغلق، كما قيل، اما هو فلا يرضى به الا مشرّعا..