* علام تكافئون الحكومة؟ على رفض فك دمج الدالية وعسفيا? على مصادرة أرض الكرمل ويانوح? على إهمال مدارس يركا؟ على استلاب 2800 دونم زيتون من كسرى؟ على آلاف أوامر الهدم والغرامات؟ أم ربما على إطلاق النار على أهلنا في البقيعة وداخل الخلوة! *
حطين – كتب مفيد مهنا - لم يخيب معظم أبناء الطائفة العربية الدرزية يوم الخميس الماضي آمال 29 شخصية من مشايخ وأئمة وأعضاء كنيست حاليين وسابقين ورؤساء مجالس حاليين وسابقين ورؤساء وأعضاء هيئات شعبية أهلية وسياسية، الذين اجتمعوا قبل ذلك بيوم في قرية يركا وطالبوا من خلال منشور وزع على قراهم بمقاطعة احتفال، "إلقاء التحية للطائفة الدرزية بمناسبة مرور 60 عاما على استقلال الدولة". حيث بقيت معظم الكراسي، في ساحة مقام النبي شعيب في حطين، فارغة تهزأ من الترتيبات والإجراءات الأمنية المكثفة والمشددة التي أجبرت العديد من المشاركين على خلع أحزمتهم لأن الأجهزة الأمنية ذات التقنية العالية، لم تكتف بتلك الترتيبات والحواجز التي نُصبت بعضها عن بعد كيلومترات من المقام الشريف وانتهت بمنع المشايخ والزوار من زيارة الضريح لتّبارك بالنبي شعيب الذي بموجب الرواية والاعتقاد الدرزي بأنه كان يحارب لجانب صلاح الدين في معركة حطين الفاصلة ضد الصليبين.
صلاح الدين في مرقده، والذي وضع أسس البناء لضريح النبي شعيب، لم يأسف هذه المرة لعدم قيام أحفاد من كانوا إلى جانبه في تلك المعارك، بعدم السماح لهم بتأدية هذا الواجب الديني، خاصة وان الطائرات العسكرية، التي رحب بها سمير وهبه، مساعد رئيس الحكومة للشؤون الدروزية والشركسية، والتي ألقت التحية من ارتفاع شبه منخفض وأيضا ألقت بعض الرعب في الصغار ممن أحضروهم من مدارسهم كفرق كشفية لتشارك في هذا "الكرنفال".. في حين هذه الطائرات نفسها تقوم بين الفينة والأخرى بإلقاء القنابل والصواريخ على زملائهم أطفال قطاع غزة.
قيل، لو استحى القاق ما غنى، فعلى ماذا يكافئ الداعون الحكومة ورئيس وزرائها؟ على قرار الحكومة رفض طلب أهل الدالية وعسفيا بفك الدمج فقط بالأمس? على مصادرة أرض الكرمل في الجلمة والمنصورة والزراعة وأم الشقف? على إضراب أهالي يركا وأطفالها بسبب الإهمال في مدارسهم? على ضم 2800 دونم زيتون من كسرى لمجلس "معاليه يوسيف"? على مصادرة أرض التوفانيّة في يانوح؟ على آلاف أوامر الهدم والغرامات الباهظة على شبابنا بسبب بناء بيوت لأولادهم من الدالية جنوبًا مرورًا بالمغار وحتى حرفيش شمالا؟ ربما على إطلاق النار على أهلنا في البقيعة وداخل الخلوة!
لكن ما دام الاحتفال، من تصميم وإنتاج حزب "كديما"، وتحت إشراف وزيرتهم روحاما أبراهم، فلا بأس من تخصيص البرامج ضمن شاشات كبيرة لعرض العضلات لشخصيات وضباط وغيرهم ممن ساهموا في بناء الدولة وضحوا بأحبائهم في سبيلها. وشاركهم بالتمثيل الحي والمباشر من أضاءوا الشعلة من على منصة التمجيد بالدولة. لكن يطرح السؤال بماذا ضحت الدولة من أجلهم، وإذا أخلص الدروز للدولة فمتى تخلص الدولة لهم؟ خاصة وأنهم قد أصغوا إلى ما أشار اليه الشيخ موفق طريف، رئيس المجلس الديني والرئيس الروحي، وتأكيده على أهمية السلام مع جميع الجيران. وضرورة وضع حد لما تعاني منه الطائفة المعروفية من مظالم وملاحقات حكومية كضيق مسطحات القرى ومصادرة الأراضي والافتقار إلى التصنيع وترك المجالس تتخبط في أزماتها والكثير من النواقص التي تبعث - كما قال - على الاستياء والتذمر في صفوف الطائفة. لكن طريف طمأنهم وطمأن رئيس الحكومة عندما قال "رغم هذا التذمر وتلك الأصوات، فنحن سائرون على درب من سبقنا في الإخلاص للدولة"!
قد يطول الحديث إذا مررنا بالتفصيل على تلك الإجراءات الأمنية والترتيبات والبهرجة وإطلاق المفرقعات وتشريف وتكليف وغير هذا من برامج وخطابات شنف الأذان بها مجلي وهبي نائب وزيرة الخارجية ونبيه نصر الدين رئيس منتدى السلطات المحلية الدرزية.. ولا شك أن المرحوم سلطان، انتفضت عظامه تحت التراب عندما أشادوا به من خلال قصيدة ألقيت من على منصة أعدت للاحتفال بدولة ما زالت تحتل جزءا من بلاده. لكن لا بد من الإشارة إلى كلمة رئيس الحكومة أيهود اولمرت (بطل المسرحية) وكونها ليست أكثر من شعارات فارغة أكل الدهر عليها وشرب خاصة وان عدة قرارات حكومية كمساواة الدروز باليهود وسد العجز المالي في سلطاتهم المحلية وغير هذا من قرارات رسمية ما زالت حبرا على ورق، وقيمتها لا تختلف عن قيمة ما جاء في الخطاب الغوغائي لرئيس الوزراء.
الأثنين 16/6/2008