لا نعرف اذا اخذ رئيس الوزراء ايهود اولمرت ووزير الحرب ايهود براك اثناء زيارتهما الاخيرة الى واشنطن موافقة الادارة الامريكية واضاء لهما بوش الضوء الاخضر باجتياح عسكري واسع وكارثي لقطاع غزة! ولكن ما نعرفه جيدا ان حكومة الكوارث والاحتلال والفساد في ازمة من موضوع هل تقوم باجتياح عسكري للقطاع ام تكتفي بمواصلة ارتكاب الجرائم اليومية المحدودة النطاق، وازمتها ناتجة عن ادراكها بان "دخول الحمام الى غزة ليس مثل الخروج منه" وقد يكلفها خسائر بشرية هائلة دون تحقيق الهدف الذي تختفي وراءه لتبرير عدوانها وهو وقف اطلاق القذائف والصواريخ الفلسطينية على مستوطنات الجنوب الاسرائيلي! ولعل الاجتماعات المكثفة خلال يومي الثلاثاء والاربعاء، الماضيين وما قبلهما، لمجلس الوزراء والمجلس الامني المصغر مع قادة الجيش، دون اتخاذ قرار حاسم وابقاءه مغلفا بالضباب وتفسيره باحتمالات متعددة يعكس ازمة حكومة الكوارث من تحديد الموقف من الحرب والسلم مع قطاع غزة. فمضمون القرار الذي اتخذته اجهزة حكومة اولمرت السياسية والامنية يؤكد انه اعطيت الاوامر للجيش الاسرائيلي بالاستعداد لعمل عسكري محتمل في حال فشل جهود القاهرة!! وحسب تصريح المتحدث باسم رئيس الحكومة فان القرار الحكومي اشار الى "دعم المساعي المصرية للوصول الى تهدئة في الجنوب ووضع نهاية لاستهداف المدنيين الاسرائيليين بصورة يومية من جانب الارهابيين في غزة"، ولكن هذا المتحدث اضاف مؤكدا ان "المجلس الامني المصغر طلب من الجيش الاستمرار في تجهيزاته تحسبا لعدم نجاح المسار المصري"!! اما بيان المجلس الامني المصغر فقد اكد ان وزير "الامن" الاسرائيلي ايهود براك سيشرف على المحادثات مع القاهرة والتي تهدف الى ضمان تنفيذ جميع الشروط الاسرائيلية للتهدئة ومنها احراز تقدم باتجاه الافراج عن الجندي الاسير غلعاد شليط، وان الجيش اُمر باجراء تجهيزات عسكرية سريعة لعمل عسكري اذا تلقى امرا بذلك!! اما القائم باعمال رئيس الحكومة حاييم رامون ورئيس الحكومة ايهود اولمرت فقد اكدا انه لا مفر من عملية عسكرية واسعة النطاق لانهاء سيطرة حماس!!
ما نود تأكيده في هذا السياق، وبناء على المدلولات الحقيقية لقرارات وتصريحات المسؤولين السياسيين والعسكريين في حكومة الكوارث ان ما يرسمونه للخروج من ازمة اتخاذ القرار هو اتخاذ قرار مغامر باجتياح عسكري واسع النطاق على قطاع غزة، ولكن بعد تهيئة الظروف لتبرير هذا العدوان مثل املاء شروط تعجيزية على الطرف الفلسطيني يكون رفضها نسف مبادرة التهدئة المصرية وشن الحرب على القطاع. فاتفاق التهدئة الذي توصلت اليه جميع فصائل المقاومة الفلسطينية في خيمة الوساطة المصرية في القاهرة مبني على اساس رفع الحصار الاقتصادي التجويعي وفتح المعابر وايقاف جرائم العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة مقابل وقف اطلاق الصواريخ الفلسطينية على سديروت وغيرها من المستوطنات الاسرائيلية في الجنوب الاسرائيلي. واسرائيل تماطل في الموافقة على مشروع التهدئة هذا وتعمل على افشاله من خلال املاء شروط اسرائيلية مثل اشتراط اطلاق سراح الاسير الاسرائيلي دون ربط ذلك باطلاق سراح اكثر من عشرة آلاف اسير حرية فلسطيني في غياهب سجون الاحتلال الاسرائيلي، واشتراط ضمانات مصرية تمنع تسريب الاسلحة من مصر الى القطاع وغيرها!!
بصراحة لا نثق بحكومة الاحتلال والكوارث وبمواقفها العدوانية المعادية للتسوية السياسية مع الشعب الفلسطيني وقيادته الشرعية، ولا نستبعد في ظل المنافسة بين القوى اليمينية المتطرفة والعنصرية الفاشية، داخل حكومة اولمرت – براك وخارجها من احزاب الاستيطان والتطرف الفاشي العنصري، في ظل المنافسة على الحكم في انتخابات برلمانية تدق مطارقها على الابواب ان تقوم حكومة الكوارث باجتياح عسكري اجرامي على قطاع غزة. ولوقف الكارثة المرتقبة لا مفر من تحرك قوى السلام والدمقراطية.
(الاتحاد)
الأثنين 16/6/2008