إيرلندا ترفض معاهدة لشبونة وأوروبا متمسكة بالمصادقة عليها
لم يكترث ثلاثة ملايين إيرلندي بمصير 500 مليون أوروبي، معتبرين ان استقلالية بلادهم وحيادها أكثر أهمية بالنسبة إليهم، وقالوا «كلا» لمعاهدة لشبونة، التي كانت تنتظر، بعد سبع سنوات من المفاوضات، «نَعَماً» من دبلن، لتصبح نافذة. وأظهرت النتائج الرسمية للاستفتاء، الذي أجري أمس الأول ودعي إليه 2.4 مليون إيرلندي شارك 53.13 في المئة منهم في الاقتراع، أن 53.4 في المئة (862415 شخصاً) من الناخبين رفضوا المعاهدة في مقابل 46.6 في المئة (752451)، أي إن 33 دائرة من اصل 43 رفضت المعاهدة. وكانت ايرلندا الدولة الوحيدة في الاتحاد الأوروبي التي أجرت استفتاء على معاهدة لشبونة، التي تعتبر مسعى لإحياء الدستور الأوروبي الذي نسفه الفرنسيون والهولنديون في العام .2005 وتعني «كلا» الإيرلندية أن بلدا يمثل أقل من واحد في المئة من سكان الاتحاد البالغ عددهم 500 مليون نسمة، يستطيع إفشال معاهدة أجرت الدول الأعضاء الـ27 مفاوضات مضنية بشأنها، والتي تنص على إيجاد منصب رئيس طويل الأجل للمجلس الأوروبي لزعماء الاتحاد وتعزيز منصب المسؤول عن السياسة الخارجية واتفاقية للدفاع المشترك. ووصف وزير العدل الإيرلندي ديرموت أهيرن نتيجة الاستفتاء بأنها «مخيبة للآمال»، مرجحاً أن تستمر عملية المصادقة على المعاهدة في الدول الأوروبية الأخرى و«إذا تبين أننا البلد الوحيد الذي لم يبرم المعاهدة، فهذا سيثير أسئلة بالطبع». ورداً على سؤال عما إذا كان رئيس الحكومة الإيرلندي براين كوين سيحاول إقناع الدول الأوربية الأخرى بإعادة مناقشة المعاهدة لتأخذ بالاعتبار المخاوف الإيرلندية، استبعد وزير المالية الإيرلندي براين لاينيهان أن «تتم مراجعة المعاهدة مرة ثالثة، بعدما تطلبت مناقشتها سبع سنوات»، معرباً عن «خيبة أمله من النتيجة». وقال كوين ان المعاهدة «لم تمت»، داعياً «القادة الأوروبيين إلى أن يقرروا في القمة الأوروبية يومي 19 و20 حزيران كيفية المواصلة». ويقول معارضو المعاهدة، الذين حملوا أمس لافتات تقول «لا للحكم الأجنبي»، إنها تحدّ من نفوذ الدول الصغيرة وتمنح بروكسل سلطات جديدة في السياسة الخارجية والدفاع، من شأنها تقويض الحياد التاريخي لإيرلندا. واحتفى ماريلو ماكدونالد، مسؤول حملة الحزب القومي الايرلندي الشمالي «شين فين»، الحزب الوحيد في البرلمان الإيرلندي المعارض للمعاهدة، بالنتيجة، فيما قال رجل الأعمال ديكلان غانلي المؤيد للرفض «إنه يوم عظيم بالنسبة لكل ايرلندي وأوروبي. انه يوم عظيم للديموقراطية»، موضحاً «أنها المرة الثالثة التي يوجه فيها ملايين الأوروبيين الرسالة ذاتها إلى نخبة غير منتخبة في بروكسل». ودعا رئيس المفوضية الأوروبية خوسيه مانويل باروسو إلى مواصلة عملية المصادقة على المعاهدة في دول الاتحاد الأوروبي، برغم الرفض الإيرلندي الذي «تحترمه» المفوضية. وأوضح أن «عملية المصادقة تجري بناء على 27 إجراء وطنيا، وقد صادقت 18 دولة أصلا على المعاهدة» مضيفا ان «التصويت بالرفض في ايرلندا لم يحل المشاكل التي تستهدف معاهدة لشبونة حلها... تعتقد المفوضية الأوروبية ان عمليات المصادقة الباقية يجب ان تستمر بحسب المقرر». وأعربت سلوفينيا، التي ترأس حالياً الاتحاد الأوروبي، عن أسفها لنتيجة الاستفتاء الإيرلندي، فيما دعت باريس إلى البحث «مع الإيرلنديين عن تسوية قانونية»، حسبما قال وزير الدولة للشؤون الأوروبية جان بيار جوايي. وإن أقر بأن الـ«لا» تعني أن تصبح «المعاهدة ملغاة قانونياً»، دعا جوايي «إلى البقاء في إطار المعاهدة، بعدما بحثنا منذ عشر سنوات في القضايا المؤسساتية في الاتحاد الأوروبي». من جهته، وصف وزير الخارجية الألماني فرانك والتر شتاينماير الرفض الإيرلندي للمعاهدة بأنه «صفعة قوية.. ومخيبة»، ولكنه حث على استمرار عملية المصادقة على المعاهدة «التي نحتاجها». واستخدمت روما أيضاً تعبير «صفعة قوية» لوصف نتائج الاستفتاء. (أ ف ب، رويترز، أب)