نشر الصحفي عبد الحكيم مفيد القيادي في الحركة الإسلامية (الجناح الشمالي) مقالا بعنوان "مجد "أصوليات" و"أصوليو" تل أبيب وحضيض البوهيما في شارع شنكين". يأتي هذا المقال بعد انتهاء انتخابات لجنة الطلاب العرب في جامعة تل أبيب. في هذه المقالة ينفلت السيد عبد الحكيم بالتهجم على الجبهة والحزب الشيوعي وبالذات على العمل اليهودي- العربي المشترك. عندما قرأت المقالة لم أندهش من أن لا يحتوي التلخيص الأولي لنتائج الانتخابات من قبل أحد القياديين في الحركة الإسلامية، على كلمة واحدة ضد الاحتلال!! فالعداء الأول يجب أن يكون للحركة الشيوعية ولأفكارها!!! وكل ما يريد أن يقوله عبد الحكيم هو أن النضال المشترك الذي يخوضه الشيوعيون والجبهويون في تل أبيب ضد الاحتلال وضد سياسة التمييز العنصري، هذا النضال الذي يتميز بتضحيات جسام والذي يسير عكس تيار الإجماع الصهيوني، هدفه، كما يقول حضرة السيد عبد الحكيم، "الاقتراب من اليسار الصهيوني"!!
ولكن المثير للاستهجان في طرح عبد الحكيم هو الإشارة إلى أن نضال الحزب والجبهة في تل أبيب يتلخص "بنصف تصريح لفوضوي في شارع شنكن"!!! وأن المجد هو لأعضاء حركته الطلابية في تل أبيب الذين يصفهم بأنهم "فاقوا كل من كان في يوم الانتخابات همة وعزة وكرامة وانتماء"!! طبعا من يؤمن أن السياق التاريخي هو حرب بين الديانات والثقافات فإنه لا يعترف بالإنجاز النقابي الذي قاده سكرتير الشبيبة الشيوعية في تل أبيب الرفيق ألون لي غرين (عمره 21 عاما). فهل النضال الذي يحقق إنجازات نقابية عمالية تفيد الكثير من العمال في العالم، بغض النظر عن قوميتهم أو دينهم.. هو الحضيض برأيك يا عبد الحكيم؟؟ لا شك أن التحليل الطبقي والوحدة العمالية يخيفان دعاة التقوقع الديني ويفضحان النظريات التي تقسم الناس حسب الانتماء الديني. هذه النظريات الرجعية تساعد في إخفاء الجوهر الطبقي للأطماع الامبريالية في المنطقة.
يقول عبد الحكيم إن على رفاق الشبيبة أن يفهموا الحقيقة "ليس كما تقال في المواقع والحلقات الحزبية والأكتيف ومؤتمرات الشبيبة". فهل يا ترى يريد من كوادرنا الشبابية أن تتثقف على أن الوطنية والقومية هي بدع استعمارية توظف من أجل تفتيت وحدة المسلمين!؟ فمن يؤمن أن الوطنية بدعة لا يستطيع أن يفهم ما فعله "إبن الشبيبة" رئيس لجنة الطلاب العرب في تل أبيب جبران عبد الفتاح عندما رفضت كرامته الوطنية التعامل مع وزيرة خارجية إسرائيل التي يركع لها حكام ووزراء وأمراء الأنظمة العربية العميلة "المعتدلة". فبسبب تربيته الشيوعية فضل جبران المخاطرة بلقمة عيشه من أجل أن يفهم جلاده أن كرامته الوطنية وكرامة شعبه أغلى شيء في حياته. هذه هي الحقيقة التي تقال في مؤتمراتنا. فأية حقيقة تريد أن تعلمنا إياها يا عبد الحكيم؟؟
إن اتهامات عبد الحكيم بأن "من لا يملك مشروعا مقنعا يضطر للبحث عن كل تفاهة ممكنة".. مردود عليه! فمن أول المقال (البيان) يمطرنا بعبارات لا تليق بمن يصرح أنه يملك مشروعا. ولا يكفي ذلك فعبد الحكيم يدعي أنه يملك الحقيقة بينما الآخرون هم "مغفلون ومضللون". هذا الأسلوب الذي ينفي الآخرين يدعم ما كتبه د. مروان بشارة عن الحركات الإسلامية. فقد وصفها بأنها "توحي ادعاءً كاذبًا (تدفع ضريبة كلامية)-pay lip service" للدمقراطية، أي أنها تستعمل الدمقراطية لتصل الحكم ومن ثم تغتالها. فبعد أقل من أسبوع من نجاح الحركة الإسلامية في جامعة تل أبيب، يقول عبد الحكيم أنه تخلى عن صداقة المحامي وليد الفاهوم (لأنه يقوم بمحاضرات تشرح التباين بين الحركات الإسلامية) والتهمة الموجه إليه هي التآمر على أبناء وبنات الحركة!!
ختاما، إن طريق الحزب والجبهة هي طريق اليسار التقدمي الاشتراكي الوطني الدمقراطي العلماني الذي يعتز بأن العمل العربي- اليهودي المشترك هو سر قوتنا، ولم يكن في يوم من الأيام نقطة ضعف عندنا. إن حزبنا وجبهتنا يعتبران أن كل محاولة لعزل شعبنا هي محاولة لإعاقة الجماهير من النضال ضد الاحتلال والتمييز العرقي والظلم الاجتماعي. فاختراق الشارع اليهودي هو مهمة الوطنيين الصادقين الذين يبحثون عن خلاص شعبهم من ظلم طغاة البلاد، ومن يحاول عزل شعبنا عن النضال المشترك، فإنه يقدم لجلاده هدية يسيل لها لعابه.. وعلى صينية من ذهب.
(الناصرة)
شريف زعبي
الخميس 12/6/2008