في كتاب جديد بعنوان "قيم تربوية في الميزان": خصخصة التعليم ستحرم 70% من المصريين دخول الجامعات
القاهرة- وكالات- حذر التربوي المصري الدكتور حامد عمار الملقب بـ"شيخ التربويين" من إخضاع الجامعات في بلاده لسياسة الخصخصة، وقال إن الدعوة إلى "تحرير التعليم" على شاكلة تحرير الاقتصاد ستؤدي إلى "مخاطر جسيمة" لأنها ستحرم أكثر من 70% من السكان من إلحاق أبنائهم بالجامعات. ويقول عمار (87 عاما) في كتابه "قيم تربوية في الميزان" الصادر حديثا عن الدار المصرية اللبنانية إن التباين بين التعليم العادي والمحسن والمتميز في الجامعة الواحدة- خاصة إذا كانت حكومية- بدعة لا مثيل لها في العالم. ويضيف أن هذا التباين عبارة عن ولادات غير شرعية، ويبرر ذلك بالقول إنه لا تفاضل فيما بين هذه الأنواع سوى بالتعليم باللغة الأجنبية، وهذا في حد ذاته "عورة ثقافية واجتماعية"، على حد وصفه. لأن ذلك كما يقول يؤثر على النسيج الوطني عموما كما يزيد التباعد الاجتماعي بين الطلاب. وينفي عمار الذي ألف العديد من الكتب والدراسات المتخصصة في مجال التعليم والتربية على مدى سنوات طويلة أن تكون جامعات راسخة مثل أكسفورد وكمبردج وهارفارد وييل تضم أقساما متميزة وأخرى عادية. كما حذر الخبير التربوي من اعتبار الجامعة في مصر "وحدة تدار اقتصاديا معتمدة على مواردها"، وضرب مثلا بالولايات المتحدة قائلا إن حكومة الولاية والحكومة الاتحادية في الولايات المتحدة تقدم قدرا من المعونة المالية إلى الجامعات الحكومية، إضافة إلى ما تحصل عليه من مؤسسات التمويل للبحوث التي تتطلبها الصناعات والقوات المسلحة والشركات الكبرى. وقال عمار إن البشر هم أهم ثروات مصر على الإطلاق وإن هذه الثروة لو أحسن استخدامها وصقلها فسيمكنها إعادة صياغة مستقبلنا والانطلاق إلى آفاق التقدم والازدهار الشامل. وتطرق عمار في كتابه الجديد إلى عدد من القضايا التعليمية ومنها الطريقة التي يتم بها اختيار القيادات الجامعية في مصر وتدخل الدولة وبالذات المؤسسات الأمنية في شؤون الجامعات، ويقول في هذه الجزئية إن هذا ألحق الضرر بحرية الجامعة واستقلالها، مضيفا أن كلمة الحرية تكاد تغيب عن الرؤى التي تخطط لمستقبل التعليم الجامعي في مصر. ويرى عمار أن حظر قيام تشكيلات ذات طابع سياسي في الجامعات أدى إلى تجنب الطلاب كل ما يدور في عالم السياسة وعزلهم عن واقعهم السياسي والاجتماعي والاقتصادي فأصبحوا "أميين سياسيا"، وأن هذا الموقف قد امتد إلى بعض هيئات التدريس. ويضيف أنه لو سمح لهم جميعا بممارسة الأنشطة السياسية فلن تجد لقوات الأمن ومركباتها الضخمة المخيفة مكانا أمام الجامعات وحول أسوارها، مشددا على أن تكوين الوعي السياسي للطلاب "من صميم رسالة الجامعة" لتغذيتهم معرفيا وثقافيا ووطنيا. ووجهت انتقادات كثيرة في مصر إلى طريقة تعيين الدولة لعمداء الكليات بعد أن كانت هناك منافسة بين أكثر من مرشح وينتخب الأساتذة أحدهم لمنصب العمادة، وقيل إن بعض الأجهزة الأمنية تتدخل في التعيينات للمناصب الجامعية. ويعلق عمار قائلا إن هناك وقتا مهدرا في فترتي العام الأكاديمي الذي يقتطع منه نحو ثلاثة أشهر. ويقول عمار إن التعليم الجامعي في مصر في حاجة إلى إصلاح حقيقي لتطوير هياكله بعد اختفاء أي من أسماء جامعاتنا ضمن قائمة 500 من الجامعات المتميزة في العالم، لأسباب كثيرة منها ما يعزوه خبراء تربويون إلى تحول الجامعات إلى نوع من المدارس التي يقرر فيها لكل مادة كتاب واحد. الأربعاء 11/6/2008 |