هو التحامق بعينه، ان نرى هذا الواقع، سيىء السمعة، "زهرة برية"، بامكاننا ان نقلب لها "ظهر مجننا" ونتركها من دون تدخل، لأن الراصد بوعي، لحقول فخاخ شيطان هذا الزمن، الذي غامت فيه سماء المبادئ والنوايا النقية، لن يصعب عليه، فك شيفرة "لغزها" ومعرفة تفاصيلها، التي تعلن، وبكل بساطة: انها تريد محاصرتنا، ومن ثم احتجاز ذواتنا، لتفتتها، وبعد ذلك تهدم وتدمّر الفضاء – مكانا وزمانا – الذي ننتمي اليه!! والامثلة، على امتداد وطننا الكبير، "ما شاء الله" كثيرة وملموسة.. ولأنني، قارئاتي قرائي، اومن، بان كوكبة من كياناتنا، على مستوى الافراد والتنظيمات، قد اجتازت مرحلة الارتجال، ووطئت عتبة مرحلة الوعي بالذات، والقراءة المعمقة لكل تفاصيلها الدقيقة والمركبة، لذلك تمكنت بنجاح، من التخلص من نزعة البارانويا التي انتجها طواغيت هذا العصر، كما نجحت بامتياز، ان تخرج، معافاة، من حجرة عزلة السلحفاة العجوز!! هذا وقد خرجت، وهي تستميح صوفينا النفري عذرا، لأنها "طلقت بالكبرى" مقولته "رأيت كل شيء قد اسلمني، ورأيت كل خليقة قد هرب مني، وبقيت وحدي" – وبالمقابل، وقبل فوت الاوان، عقدت "قرانا بالعروة الوثقى" مع رؤية ورؤيا مفكرنا الفلسطيني، خالد الذكر، ادوارد سعيد، الذي يؤكد على وجوب وضرورة مشاركة الفرد منا في صنع الحضارة، بكل دلالاتها وألوانها وحقولها، ولكن شرط ان يتمتع بوعي فردي مستقل، يسير في عكس اتجاه ما يحيط به، ومراعاة التجاوب مع كافة الطبقات والحركات والقيم المناضلة – هذا وقد نبّه مفكرنا ان هذا، الصوت المستقل، حقا هو خارج المكان، الا انه، وفي نفس التواقت، هو في صميم نفس هذا المكان – كونه يجسّد الصمود بوعي ضد المعتقدات التقليدية، ويدعم منظومة من القيم الانسانية التي تتناسب مع طابعه القومي.. فصباح الخير، من اغنية انتصار الحياة، لكل مَن سيلتحق "بمدرسة مفكرنا" ليستجمع قواه ويعود الى تفاصيله، ليرتبها من جديد، فيدفع، ولو قليلا باتجاه الخلاص من مقاساة وعذابات وبطش وقهر هذا الزمن سيىء الصيت والسمعة..