رؤية ساركوزي كاذبة كرؤية بوش تماما!
إنفض امس الاول السبت مؤتمر وزراء خارجية عشر دول عربية في العاصمة المصرية القاهرة دون اتخاذ قرارات، وبروز تناقضات صارخة ادت الى افشال هذا المؤتمر. وقد حضر وشارك في المؤتمر المذكور البلدان العربية الواقعة على شاطئ حوض البحر المتوسط مثل مصر وسوريا وليبيا والجزائر والمغرب وتونس ولبنان اضافة الى الاردن وموريتانيا. فعلى طاولة اجندة هذا المؤتمر طرحت قضايا تحديد الموقف من رؤية الرئيس الفرنسي ساركوزي باقامة اتحاد ضفتي البحر الابيض المتوسط، أي بين بلدان شمال المتوسط الاوروبية وبلدان جنوب المتوسط بما في ذلك البلدان العربية واسرائيل، وان يكون هذا الاتحاد برئاسة مزدوجة، برأسين، ساركوزي الفرنسي ومبارك المصري. وادعى ساركوزي ان هدف مشروعه هذا هو "ابداع" شكل من التكامل والتعاون بين الشمال والجنوب في حوض المتوسط يساعد على الاسهام في دفع عجلة التنمية الاقتصادية والنهوض الاقتصادي لبلدان الجنوب ضعيفة التطور، كما يساعد على التعاون في مجال "الامن" والاستقرار!! واتضح من المعطيات والحقائق الراسخة على ارض الواقع ومنذ ان اعلن ساركوزي عن مشروعه المذكور ابان الحملة الانتخابية الفرنسية الرئاسية الاخيرة ان رؤيته كاذبة كرؤية بوش بالنسبة لاقامة الدولة الفلسطينية المستقلة حتى نهاية العام الفين وثمانية الحالي. فقد ثبت ان دوافع واهداف رؤية ساركوزي حول الاتحاد المتوسطي ابعد ما تكون عن خلق الظروف المؤاتية لخدمة مصلحة بلدان الجنوب في المجال التنموي ومعالجة قضايا التخلف الاقتصادي والبطالة والمجاعة بشكل جذري. فساركوزي اراد من وراء مشروعه ورؤيته ان تكون فرنسا في عهده شريكة للامبريالية الامريكية في استراتيجية فرض الهيمنة الامبريالية وفقا لتقاسم الوظائف بينهما، خاصة في ان تركز فرنسا على استثمار وامتصاص دماء وخيرات مستعمراتها السابقة. كما ان احد دوافع طرح رؤية ساركوزي يتمحور حول ايجاد بديل يرضي تركيا التي ترفض فرنسا دخولها الى عضوية الاتحاد الاوروبي. ومثل "مشروع الشرق الاوسط الكبير" الذي تتبناه ادارة بوش ويواجه العثرات وحشرجات الموت فان مشروع رؤية ساركوزي يستهدف خلق اطار تحالفي بين البلدان العربية واسرائيل، يجري من خلاله تطبيع العلاقات بينهما بالمجان، أي قبل وبدون ان تقر وتنفذ اسرائيل الاحتلال الحقوق الوطنية الفلسطينية الشرعية بالدولة والقدس والعودة، وبدون الزام اسرائيل بازالة ترسانتها النووية التي تهدد امن واستقرار المنطقة وبان توقع على وثيقة جنيف للحد من انتشار وانتاج اسلحة الدمار الشامل!! لقد مر اكثر من عام على رؤية ساركوزي ولم نر خلال كل هذه الفترة تدفق رساميل فرنسية او اوروبية لاستخدامها في مجال التنمية الاقتصادية المدنية، والحقيقة ان ساركوزي، نظام المحافظين الجدد في فرنسا، يستهدف استخدام التحالف الاتحاد اوسطي كوسيلة ديماغوغية في اطار الحرب الكونية "ضد الارهاب" التي يختفي وراءها نظام بوش، واستغلاله ايضا لمحاربة هجرة الفقراء والعاطلين عن العمل من دول الجنوب المتوسطي، خاصة من دول المغرب العربي الى فرنسا وبلدان الاتحاد الاوروبي الاخرى. ولهذا، فان انكشاف المدلول السياسي والاقتصادي والاستراتيجي لرؤية ساركوزي قد ادى الى انقسام وتناقض في الموقف، بين تيار يناهض ويتحفظ من رؤية ساركوزي تبنته في مؤتمر القاهرة سوريا وليبيا والجزائر وبين تيار يتحمس لخدمة هذا المشروع والرؤية تبنته مصر النظام والمغرب والاردن وغيرها. الأثنين 26/5/2008 |