هل يفرغ انتخاب الرئيس الهواء من البالون الأمريكي؟ينتخب البرلمان اللبناني اليوم الرئيس التوافقي، الرئيس الثاني عشر للبنان، العماد ميشيل سليمان، بعد أكثر من عام كامل من الاحتقان السياسي في لبنان، الذي وصل قمّة جديدة قبل أسابيع، بالمواجهات المسلحة بين أنصار الموالاة (جماعة 14 آذار)، وأنصار المعارضة اللبنانية. ويأتي انتخاب الرئيس التوافقي، تتويجًا للمرحلة الأولى من الاتفاق الذي أبرم بين المعارضة والقوى الموالية للدول الامبريالية، يوم الأربعاء الأخير في العاصمة القطرية الدوحة. ولا بدّ لنا في هذا السياق، من الإشارة إلى عدّة نقاط، على درجة عالية من الأهمية. أولا، لا بد لنا من الانتباه إلى أنّ القوى التي وقفت وراء إشعال المواجهات الخطيرة في لبنان، وعلى رأسها وليد جنبلاط، اختبأت وتراجعت عن مواقفها التحريضية، وخاصة بعد أن رأت حجم الرد الذي قامت به قوى المعارضة، على محاولة ضرب المقاومة اللبنانية في الصميم. ويمكن أن ننتبه إلى اللهجة المخفّفة التي يتحدث بها جنبلاط اليوم، عندما يشير إلى أنّ الاتفاق هو "خطوة هامّة"، و"إنجاز غير صغير"، بعدما كان يستخدم لهجة حربجية ضد المقاومة والمعارضة، وكان يستبعد أي حلّ طالما استمرت المقاومة في الحفاظ على سلاحها. النقطة الثانية بالغة الأهمية، هي التجاء مختلف القوى السياسية، وخاصة اليمينية منها، في لبنان، إلى الجيش، كلما استعرت نيران الأزمة، أو الحرب، وهو أمر قد يقود مستقبلا إلى مكان خطير، على كافة القوى اللبنانية الوطنية الانتباه له والحذر منه. الأمر الثالث والأهم هو أنّ الولايات المتحدة أشرس من أن تستسلم بهذه السهولة، وبنود الاتفاق الذي تمّ التوصل إليه في الدوحة، هو أقرب إلى انتصار للمقاومة، وهو أمر يثير مزيجًا من المشاعر، يغلب عليها التوجس، على ضوء معرفتنا وتجربتنا في التعامل الأمريكي مع كل أشكال مقاومة الامبريالية في العالم كله. فيمكن القول أنّ الولايات المتحدة اطلقت، بواسطة حلفائها في لبنان، بالون اختبار تقيس عن طريقه مدى قوة المقاومة اللبنانية، وعلى رأسها حزب الله، في حال أرادت يومًا القضاء على هذا الحزب عسكريًّا، فجاء رد المقاومة حاسمًا وسريعًا، جعلها (أي الولايات المتحدة) تتراجع عن هذا المشروع، على الأغلب، بشكل مؤقت، وهنا يجب الانتباه لما يحصل في هذه الدولة العزيزة (أي لبنان) في المستقبل القريب. الاتحاد |