ألمُعلِّم يستَلطفُني
"رشيدة" أكثرهم اجتهادًا!"
"رشيدة" أشد الجميع نظافة."
"كُتُب "رشيدة" ودفاترها، نظيفة، وكأنّها خارِجَة، لتوِّها، من المطبعَة!"
"رشيده" مكانُها في الصفِّ السابع، لا في الصفّ الخامس" لا يكادُ يمرُّ يوم، أو حتى حِصّة، إلا ويمتَدحُني الاستاذ "كامل" بمثل هذه الكلمات اللطيفة. لكنه لا يفعلُ مثل ذلك، لزُملائي من البنات والأولاد إلا قليلاً. وقد لاحظتُ أن الزملاء والزميلات، يتبادلون الإشارات أو يتهامَسون، كلما سمِعوا الاستاذ يوجِّهُ اليّ واحدة من تلك الملاحظات اللطيفة. حتى لقد أصبحَتْ هذه الملاحظات تُحرجُني.
ولكنّ الأستاذ "كامل" لا يريد أن يفهم!
اليوم، في حصّة الطبيعة، عرَضَ الاستاذ زهرة اصطناعية، بَهَرت الجميع بألوانها الرائعة. ثم قرَّبَها من زهرةٍ طبيعيةٍ، وسألَ: "ايّ الزهرَتيْن أجمل؟"
رفَعْتُ يدي، لكن الزملاء لم يفعَلوا، فَهم توقّعوا أن يكلّفني الاستاذ بالاجابة دونَ غيري. لكنه لم يفعل، وانتظَرْتُ أن يطلُب اليّ الاجابة. فقال على الفور، وبِلهجَة ساخرة:
"كُلُّهم، لا يعرِفونَ. أجيبي، أنتِ، يا "رشيدة" قلتُ:
"الزّهرَة الطبيعية أجمَل:
فاقْتربَ مني أكثر. وقرَصني من خدّي، وهو يهتفُ:
"يا مَقصوفة العُمر، والله، لقد عرفْتُ أنّك، وحْدكِ، مَن يعرفُ الاجابة."
وتبادَلَ الزملاء والزميلات النظرات والاشارات..
لكن الاستاذ "كامل" لم يُمهِلهم، فقد صرخ فيهم:
"صفقوا لـ "رشيدة"!"
وتهامَسَ الزملاء والزميلات.. وارتفَع همْسُهم، حتى غدا ملاحظات قاسية، ومسموعة... ولم يُصفّقوا!!
وأحْسَسْتُ بالخجل، بل بالفضيحة!
وانتهى الدّوام بانتهاء الحصّة. فأسْرعتُ بالخروج هربًا من الملاحظات والتعليقات، التي سوف تتدفّق من افواه الزملاء والزميلات..
عُدتُ، الى البيت، وحيدة.
أعرف أنهم لن يُغلقوا افواههم.. وفي الغد، سوف أكون حديث المدرسة كلّها..
يا للفضيحة!
(رشيدة)
قلب الأم
- رغد.. رغد..
تأففت رغد وقالت في نفسها:
- أو.....ف.. دائما ماما تناديني.. لم لا تنادي أخي الصغير.
- رغد.. رغد..
دخلت أم رغد غرفة رغد وهي تقول:
- رغد ألا تسمعينني؟؟
قالت رغد وهي تلعب ببعض لعبها:
- نعم سمعتك.. ولكن لماذا لا تنادين أخي الصغير.. دائما أنا..
قالت أم رغد:
- ولكن يا حبيبتي أنا أريدك أنت.. أريد أن ترتبي غرفتك.
قالت رغد بنزق:
- حسنا.. حسنا.. سأرتب غرفتي.
قامت رغد ورتبت غرفتها وهي غاضبة.
في الصباح نهضت رغد من نومها متأخرة، وأخذت تصرخ:
- ماما..ماما.. لمَ لمْ توقظيني مبكرا..
دخلت الأم مسرعة وهي تقول:
- يا حبيبتي أيقظتك ولم تردي عليّ.
قالت رغد:
- ولكن كان عليك أن توقظيني بشكل جدي أكثر.
ألا تعلمين أن عندي درسا إضافيا، ويجب أن أذهب مبكرة.
قالت الأم بحزن:
- لمَ يا رغد تخاطبينني بهذه اللهجة، وبهذا الصوت العالي؟
ذهبت الأم وهي غاضبة حزينة من تصرف ابنتها.
لبست رغد بسرعة ووضعت كتبها في حقيبتها وخرجت من منزلها، وقد أغلقت الباب بقوة تعبيرا عن غضبها.
ولما وصلت رغد إلى الشارع، تعثرت بحجر صغير فوقعت أرضا، وتبعثرت الكتب على الأرض، وأخذت تصرخ:
- ماما..ماما..
سمعت الأم صراخ ابنتها رغد، فركضت بسرعة البرق إلى ابنتها،
وهي تقول:
- رغد.. حبيبتي.. ماذا جرى لك، يا ليتني أنا التي وقعت وليس أنت.
وأخذت الأم رغد من يدها وأوقفتها، وجمعت الكتب التي على الأرض، والدموع تملأ وجهها الطيب.
نظرت رغد إلى أمها بخجل شديد، وقبلت يدها الطاهرة، والدموع تغسل ما بدر منها تُجاه أمها، وهي تقول:
- سامحيني يا أمي.. كم أغضبتك وأزعجتك بكلامي القاسي، ومع ذلك تحبينني كل هذا الحب.. سامحيني يا حبيبتي.. سامحيني..
مصطفى مرار
الخميس 22/5/2008