- هناك أشخاص أصحاب رسالة إنسانية اجتماعية كبيرة، وعدم التناسب بين كبر هذه الرسالة، وبين صغار النفوس والأقزام يؤدي إلى عدم رؤية الرسالة، وحتى صاحب الرسالة.
- زرته بعد فترةٍ من الانقطاع، ووجدته، جالسا واجما غارقا في التفكير، وبعد فترة من السكوتِ سألته عن حالهِ فقال لي: "نصحني البعض بالتزام البيت، ولكني أخذتُ قراري، الآن عندما رأيتك وتذكرتُ أنك تحمل الكثير من البطيخ في يديك"، فمن الآن لن أقف على ضفاف النهر، لكي أصبح متكأ للمنافقين، والمنتفعين، وأصحاب الشعارات الكاذبة، والكسالى، وسأسبح في النهر معك ضد التيار لكي نصل إلى النبع، نبع الحقيقة والحرية، ومن يرد أن يلحق بنا عليه أن يسبح معنا، وإلا أصبح متكأ، أو "قمعه" أو متفرجا.
- يا صديقي اشرح موقفك بصدق وأمانة ووضوح وبأقل ما يمكن من الكلام، احتراما لقيمة الحياة – الزمن، ففي النهاية الكلام الفارغ والثرثرة والميوعة والنفاق الكاذب والكلام المعسول وعدم الصدق أكبر قاتل للزمن والحياة.
- التقيتها على شاطئ البحر صدفةً، وسررت بهذا اللقاء، فهناك الكثير الكثير من المشترك بالفكر والروح، فالصداقة الحقيقية عندما تكون الروح الواحدة موجودة في جسدين حتى وان كنا لا نلتقي إلا لفترات متباعدة وبعد السؤال عن العائلة والبيت، وبعد أن عرفت ما يجري من أحداث حياتية يومية قالت لي لقد عبرت عمر الخمسين وحتى الآن لم تتعلم، من تجاربك في الماضي، وكأنك أصبحت ساديا تجاه نفسك بتقبّلك المرة تلو المرة لخيبات الأمل. وقالت " عليك أن تبحث عن الأصدقاء الذين بإمكانهم أن يشاركوك أحلامك وطموحاتك فالصديق الحقيقي هو صديق الدرب" فقلت لها المصيبة بأن هناك من يبيع الصديق والدرب والقضية.
- عليك أن تستفيد وتزيد من معرفتك من خلال كل لقاء مع أي شخص، فلا يوجد إنسان يعرف كل شيء، فمهما كنت متعلما ومثقفا فما زلت تسير على شاطئ بحر الحقيقة والمعرفة.
- لا تر بنفسك حامل الحقيقة ، فالحقيقة نسبية وما هو صحيح اليوم غير صحيح غداً، من أجل ذلك مارس الحوار والإقناع واحترام رأي الآخر، ولكن ابتعد عن الجهلة، والأغبياء والمنافقين، ومن لا يستطع أن يدافع عن موقفه بشكل حضاري، والذين يمارسون الكذب، والذين لا كلمة لهم فمعهم لا وجود لأية حقيقة مطلقة ولا نسبية، فوجودهم بل وحياتهم عبارة عن وهم.
- الحياة عبارة عن مسرح، ولكن البعض اختار أن يكون متفرجاً منذ البداية، وهناك من يمارس دور "رجل العصابة"، وهناك من يريد أن يلعب دور بطل المسرحية وهو لا يستحق سوى دور الكومبارس، وهناك من يرفع أسمى الشعارات وممارسة أبعد ما يكون عن ذلك، ينادي بالمحبة ويمارس سياسة فرق تسد، ويهدم بدل أن يبني يستعمل أجمل الكلمات، أخي، صديقي، رفيقي وهو أبعد ما يكون عن هذه المثل لا يعرف المحبة ولا التسامح، حتى عندما يُطلب منه ذلك، يبكي على كتف رفيقه، وينسى التعزية بوفاته، وعندما تحاول فتح صفحة جديدة وتسامح بإخلاص، يمارس الغدر مرةً أخرى وأخرى، وهناك أشخاص لا دور لهم سوى ممارسة التهريج، وآخرون دورهم الوحيد النباح المزعج الدائم، ولكن من يصنع ربيع الحياة ويفتح جميع الأبواب والنوافذ نحو المستقبل، هو من يحمل رسالته ويقوم بدوره الايجابي والبنّاء، من أجل الانتقال من مملكة الضرورة إلى مملكة الحرية على الأرض.
- ألأدب فن رفيع يصور مشاهد الحياة من خلال رسم الكلمات على الورق لتتحول إلى صورة حية تلامس العين والأذن والروح والذوق والعقل. ولكن هناك أدباء ترتعش أصابعهم بالقلم ارتعاش العجز، ولا يفلحون إلا في صياغة رؤى قديمة أو سلفية أو بعيدة عن واقع الحياة، رائدة، جامدة غير متحركة، متكررة بشكل روتيني يعيده عن الإبداع لا ترى الحاضر المتغير ولا المستقبل المفتوحة أبوابه والمشرعة نحو الانتقال إلى غدٍ أفضل نستطيع نحن البشر بمفكريه ومثقفيه أن نسرّع عملية حدوثه، وانتقاله من عالم الحلم إلى عالم الحياة المعاشة، التي يريدها الإنسان لكي تكون حياة أجمل وأفضل وأقرب إلى السعادة المطلقة.
فالأدب الحقيقي هو المشارك في عملية التجدد الأزلي، والذي يريد أن يعيد إبداع كل شيء من حوله من جديد، من أجل العطاء لما فيه منفعة الإنسان وحرية الإنسان.
- الصراع دائم بين القديم والجديد، وهذا الصراع هو محرك الحياة، بل هو أساس كل تطور، ولا توجد حياة بدون هذا الصراع. والقديم لا يتنازل ولا يخلي الطريق إلا بعد صراع مرير، ولا يفتح الطريق أمام الجديد، فهناك ممن يريد أن تبقى أخلاقياتنا ومفاهيمنا وأفكارنا في الماضي، في البيداء والصحراء الثقافية. وبدلا من أن ينشر القل والياسمين والبرقوق الأحمر مع موكب التطور والتغير ورؤية المستقبل الأفضل نرى البعض يرجم موكوب التغيير موكب الجديد بالحجارة.
منذ دهور وأعيننا في ظهورنا، وأكثرنا يعارض الذي في وجهه (مارون عبود).
د. خليل اندراوس *
الأربعاء 21/5/2008