* رفع الاعتصام وانتخاب سليمان خلال 48 ساعة ... والمعارضة تنتزع «الثلث الضامن» * تقسيم بيروت بالتراضي *
السفير - بعد ثمانية عشر شهرا من الأزمة الوطنية المفتوحة على مصراعيها، استولدت مدينة الدوحة فجر اليوم، اتفاقا سياسيا بين فريقي الموالاة والمعارضة، بدعم عربي واقليمي ودولي، بدا واضحا منذ الساعات الأولى لالتئام مؤتمر الحوار الوطني اللبناني في العاصمة القطرية قبل خمسة أيام وتم تتويجه فجرا بتثبيت صيغة تقسيم بيروت انتخابيا على قاعدة 10+5+.4
ومن المقرر أن يتم الاعلان رسميا عن الاتفاق، في جلسة احتفالية تعقد في «شيراتون الدوحة» عند العاشرة من قبل ظهر اليوم، برئاسة أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني وتلقى خلالها كلمات لكل من رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس الحكومة فؤاد السنيورة ورئيس الوزراء القطري والأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى، وأخيرا أمير قطر.
ومن المقرر أن يبادر جميع الحاضرين من قادة الحوار الـ 14 الى توقيع الاتفاق خطيا، على أن يحمل، على الأرجح، أيضا تواقيع اللجنة الوزارية العربية الراعية للاتفاق.
ويتالف الاتفاق من مقدمة سياسية ومن عدد من البنود أبرزها ما يتعلق بانتخاب الرئيس التوافقي العماد ميشال سليمان وتشكيل حكومة وحدة وطنية على قاعدة 16 للموالاة و11 للمعارضة و3 لرئيس الجمهورية، على أن يكون من حق الموالاة اختيار رئيس الحكومة.
ولم يعرف ما اذا كان الاتفاق سيتضمن فقرة خاصة بموضوع البيان الوزاري للحكومة، لكن مصدرا بارزا في اللجنة العربية قال لـ«السفير» فجرا أن لا مشكلة في موضوع البيان الوزاري، وهو سيؤكد على ما تضمنه البيان الوزاري للحكومة الحالية مع التأكيد على احترام القرارات الدولية وموضوع عدم استخدام السلاح في الداخل وانهاء كل المظاهر المسلحة.
وقال المصدر نفسه ان الاتفاق سينص على النص نفسه الذي ورد في اعلان الفينيسيا عن انطلاق الحوار حول تعزيز سلطة الدولة على جميع الأراضي اللبنانية وعلاقتها مع مختلف التنظيمات المسلحة بالاضافة الى التعهد بعدم استخدام العنف أو السلاح بهدف تحقيق مكاسب سياسية فضلا عن التأكيد على مقررات الحوار الوطني ولا سيما ما يتعلق بالسلاح خارج المخيمات الفلسطينية.
وكان أمير قطر قد عاد من القمة الخليجية في الدمام مباشرة الى فندق الشيراتون، حيث عقد خلوة مع العماد عون في جناحه الخاص دامت أكثر من تسعين دقيقة تخللتها مجاملات بين الاثنين وكلمات اشادت بدور العماد عون في تسهيل التوصل الى اتفاق، خاصة بعد أن كانت المعارضة قد التزمت بصيغة 9+6+4 لتقسيمات بيروت، ولكن الحاح النائب سعد الحريري على تسهيل الأمر وعدم تصوير ما يجري في الدوحة بأنه نوع من التكريس للهزيمة السياسية للموالاة، قد دفع بالعماد عون الى التجاوب مع مطالبه.. وهكذا كانت الولادة الأخيرة للاتفاق الذي سيعلن صباح اليوم.
وعلمت «السفير» أن الجانب القطري أبقى طوال نهار وليل أمس قنوات الاتصال الدبلوماسي مفتوحة مع السعوديين والايرانيين والسوريين، سعيا الى تذليل ما أمكن من اعتراضات عند الفريقين، وقد وجد تجاوبا من العواصم الثلاث، علما أن المفاوضات الصعبة كانت في مجملها مع العماد عون وتتعلق بتقسيمات بيروت.
وأعلنت أوساط الرئيس نبيه بري فجرا أنه سيبادر اليوم الى تحديد موعد لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية، وعلى الأرجح في غضون 48 ساعة، «وان كان الجميع يرغب بانجاز الانتخاب يوم غد الخميس«.
واذا تم تحديد الموعد خلال 24 أو 48 ساعة، فهذا يعني أن المعارضة ستبدأ في غضون الساعات المقبلة، الاستعداد لرفع الاعتصام في وسط بيروت التجاري، بعد أن مضى عليه أكثر من 18 شهرا (تقرر أن يرفع قبل الانتخاب الرئاسي مباشرة).
وبعد الانتخاب سيصار الى تحديد موعد الاستشارات النيابية في القصر الجمهوري لتسمية رئيس الحكومة حيث كانت الأجواء في الدوحة تتأرجح بين احتمال أن يصار الى تكليف اما الرئيس فؤاد السنيورة مجددا أو النائب سعد الحريري(تردد أن حظوظ الأول أكبر).
ومن المتوقع أن تبدأ آلية التشاور من قبل رئيس الحكومة المكلف مطلع الأسبوع المقبل، لتبدأ بعد ذلك المهمة الأصعب التي تنتظر الجميع وهي التوافق على الحقائب والأسماء في الحكومة الجديدة.
وفي ما يخص القانون الانتخابي الذي سيطرح على مجلس النواب قريبا، فانه سيتخذ من تقسيمات «قانون الستين» ركيزة ولكن مع تعديلات تقتصر على بيروت.
إلى ذلك، من المقرر أن يطل الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله يوم الأحد المقبل، في كلمة يلقيها في الذكرى الثامنة لعيد التحرير.
وبموجب الاتفاق، تم اعتماد التقسيم الانتخابي الآتي:
الدائرة الأولى، وتضم الأشرفية والرميل والصيفي: خمسة مقاعد موزعة كالآتي: مقعدان للأرمن، مقعد ماروني، مقعد أرثوذكسي، ومقعد كاثوليكي.
الدائرة الثانية، وتضم الباشورة والمدور والمرفأ: أربعة مقاعد موزعة كالآتي: مقعد سني، مقعد شيعي ومقعدان أرمنيان.
الدائرة الثالثة، وتضم المزرعة والمصيطبة ورأس بيروت وميناء الحصن وزقاق البلاط ودار (عين) المريسة: 10 مقاعد موزعة كالآتي: خمسة مقاعد للسنة، مقعد شيعي، مقعد درزي، مقعد أرثوذكسي، مقعد انجيلي ومقعد للأقليات.
وجاء اعتماد هذه الصيغة بعد مفاوضات اللحظات الأخيرة، التي أعقبت تمسك المعارضة بصيغة المقاعد الستة في الدائرة الأولى والأربعة في الدائرة الثانية، والتسعة في الدائرة الثالثة، لكن الحريري رفضها وأصر على نقل المقعد الانجيلي من الدائرة الأولى ذات الغالبية المسيحية (الأشرفية والرميل والصيفي) الى الدائرة الثالثة ذات الغالبية السنية.
وقد استجابت المعارضة للاقتراح بعد ضغوط مارسها الجانب القطري من أجل انجاز الاتفاق فجرا... وكذلك بعد توافقات ضمنية تمت من خارج الاتفاق نفسه، ولكن بضمانة اللجنة العربية والجانب القطري، وخاصة ما يتعلق بالتوافق بين المعارضة والموالاة حول المرشح للمقعد الشيعي في الدائرة الثالثة، بالاضافة الى صيغة تقضي بالتوافق بين الطرفين مناصفة في الدائرة الثانية، علما أن ايا من الطرفين لم يؤكد هذه المعلومات.
أما بقية الدوائر الانتخابية فيسري عليها التقسيم الذي نص عليه قانون العام 1960 وذلك على الشكل الآتي:
1 ـ دائرة عكار وتضم محافظة عكار.
2 ـ دائرة طرابلس وتضم مدينتي طرابلس والميناء وبلدة القلمون.
3 ـ دائرة المنية الضنية وتضم قضاءي المنية الضنية.
4 ـ دائرة بشري وتضم قضاء بشري.
5 ـ دائرة زغرتا وتضم قضاء زغرتا.
6 ـ دائرة الكورة وتضم قضاء الكورة.
7 ـ دائرة البترون وتضم قضاء البترون.
8 ـ دائرة الشوف وتضم قضاء الشوف.
9 ـ دائرة عاليه وتضم قضاء عاليه.
10 ـ دائرة بعبدا وتضم قضاء بعبدا.
11 ـ دائرة المتن وتضم قضاء المتن.
12 ـ دائرة كسروان وتضم قضاء كسروان.
13 ـ دائرة جبيل وتضم قضاء جبيل.
14 ـ دائرة صيدا وتضم مدينة صيدا.
15 ـ دائرة الزهراني وتضم قرى قضاء صيدا الزهراني.
16 ـ دائرة صور وتضم قضاء صور.
17 ـ دائرة جزين وتضم قضاء جزين.
18 ـ دائرة النبطية وتضم قضاء النبطية.
19 ـ دائرة مرجعيون وحاصبيا وتضم قضاءي مرجعيون وحاصبيا.
20 ـ دائرة بنت جبيل وتضم قضاء بنت جبيل.
21 ـ دائرة البقاع الغربي وراشيا وتضم قضاءي البقاع الغربي وراشيا.
22 ـ دائرة زحلة وتضم قضاء زحلة.
23 ـ دائرة بعلبك والهرمل وتضم قضاءي بعلبك والهرمل.
وقال رئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني لـ«السفير» انه مع الحل الذي تم التوصل اليه، تكون قد فتحت أمام لبنان فرصة تاريخية من أجل تعويض ما فاته بسبب الأوضاع الأمنية والسياسية المتأزمة التي مر بها في السنوات الثلاث الأخيرة، وهذا الأمر اذا كان يبشر بشيء انما بموسم اصطياف واعد وكذلك الاستفادة من التطورات الاقتصادية من حول لبنان.
وقال رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط لـ«السفير» انه من الواضح أن دولة قطر اعتمدت على منظومة علاقاتها العربية والاقليمية والدولية المهمة وقامت بأداء دبلوماسي ذكي وهادئ وديناميكي في سبيل دفع اللبنانيين الى تسوية تؤدي الى حفظ بلدهم وسلمهم الأهلي. واشاد بما تم التوصل اليه داعيا الى تقديم تضحيات وتنازلات لمصلحة لبنان واللبنانيين.
مفاوضات الصباح
وكان الشيخ حمد بن جاسم قد عقد اجتماعا مع قادة المعارضة في جناح الرئيس بري وتم فيه تدارس الاقتراحين اللذين تقدمت بهما اللجنة صباح أمس الى كلا الفريقين وتضمنا الآتي:
اولا: انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة وحدة وطنية وفق صيغة 16 وزيرا للاكثرية مع حق تسمية رئيس الحكومة و11 وزيرا للمعارضة وثلاثة وزراء لرئيس الجمهورية واعتماد صيغة 5+7+7 في انتخابات بيروت.
ثانيا: انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة وحدة وطنية وفق صيغة (16+11+3) وتقوم هذه الحكومة بإحالة مشروع القانون الذي اعدته اللجنة الخاصة برئاسة الوزير السابق فؤاد بطرس على مجلس النواب ومناقشته واجراء التعديلات اللازمة عليه واقراره.
لكن المعارضة سارعت الى رفض الاقتراحين، اذ أنها ربطت الثاني بتشكيل حكومة انتقالية حيادية وظلت متمسكة على صعيد الاقتراح الأول، بتعديل صيغة 5+7+7 التي يتم بموجبها تقسيم العاصمة الى ثلاث دوائر: الاولى تضم منطقتي الاشرفية والرميل ولها خمسة مقاعد على النحو الآتي: ماروني، كاثوليكي، ارثوذكسي، انجيلي وارمني. الدائرة الثانية وتضم الباشورة والصيفي والمدور مع اضافة المزرعة او المصيطبة اليها، ولها سبعة مقاعد على النحو الآتي : 2 سنة، 2 شيعة، وثلاثة ارمن.
أما الدائرة الثالثة فتضم بقية مناطق العاصمة (رأس بيروت وميناء الحصن وزقاق البلاط ودار (عين) المريسة والمصيطبة أو المزرعة) ولها سبعة مقاعد: 4 سنة، درزي، ارثوذكسي، وبروتستانت.
وجاء الاقتراح القطري العربي بعد ليلة طويلة من المفاوضات الصعبة تقرر في ختامها الاعلان عن المؤتمر الصحافي المقرر للشيخ حمد بن جاسم، وتم تحديد موعده عند الساعة الثانية من بعد ظهر أمس.
وحتى الموعد المقرر للمؤتمر الصحافي لم تكن المعارضة قد ردت على أحد الاقتراحين، فيما كانت الترتيبات قد اكتملت في قاعة «الدفنة» في فندق «شيراتون الدوحة» لانعقاد المؤتمر، الذي كان مقررا ان يعقده كل من الشيخ حمد بن جاسم والامين العام للجامعة العربية عمرو موسى، وبعد تأخير لنصف ساعة تقريبا تم سحب مقعد من المنصة مما اوحى بان الشيخ حمد وحده من سيتحدث ولكن ما لبث وزير الدولة القطري للشؤون الخارجية احمد عبد الله المحمود ان اطل على الصحافيين وعقد مؤتمرا صحافيا اكتفى فيه بتلاوة بيان مكتوب قال فيه أن اللجنة العربية تعتبر أن الاقتراحين المقدمين منها للفريقين «يمثلان الحل الامثل للخروج من الازمة اللبنانية الحالية بحيث تتم الموافقة على احدهما». وقال انه «لن يتم الاعلان عن هذين الاقتراحين في الوقت الحالي»، وأمل «ان يصل الطرفان الى اتفاق على واحد من المقترحين». وأشار الى أن احد الطرفين طلب مزيدا من الوقت للرد على الاقتراحين «وقد وافقت اللجنة على ذلك لاعطاء مهلة زمنية حتى يوم غد (اليوم)».
الأربعاء 21/5/2008