تحرٌّر وتحريررشدي الماضي
ستسقط بقية الحواجز والأسوار، لتقصر وتضيق أكثر آفاق الصلة والتواصل بين الأمم والشعوب. عالمنا يتغير، وتغيّره يعانق كل مناحي الحياة. وتيرة تقدّمه سريعة وسيكون من الصعب على بعض المجتمعات مواكبتها، خاصة أبناء العالمين الثاني والثالث، مما سيجعلهم جماعة من الأيتام تقتات فتات الحداثة والعصرنة المبعثرة فضلات على موائدهم!! مشهد – نراه ونتابعه على مسرح معمورة الفيتنا الثالثة كل يوم، ونحن شئنا أم أبينا، عرب هذا القرن نشكّل طاقما عضوا من أسرة ممثليه وهي متعدّدة الانتماءات والأجناس والألوان. إذن قرائي/ قارئاتي، بوابات هذا العصر الجديد تنتصب أمامنا، ومواصلة الحركة والسير باتجاهها عمل لا ارادي، والسؤال الكبير الذي يطرح نفسه علينا، أي الأبواب نختار؟ ومع أية منظومة ثقافية واجتماعية وعقائدية سندخل؟؟ وذلك فقط بعد أن نكون قد شخصنا بوعي ودقّة كل قضايانا المصيريّة والملحة ووضعنا لها الحلول الجذريّة والناجعة. ومن أجل أن نخرج من جديد أحد ملفات جماهيرنا الأكثر أهميّة والذي شغلنا عنه انغماسنا الدائم والمفروض علينا، في معالجة شؤوننا السياسيّة ومشاكل معيشتنا اليومية، تعالوا بنا هذا العام الثامن من آذار الصوت المقنع لنا جميعا بضرورة العودة لوضع قضية المرأة العربية على رأس أولويّات أجندتنا.. فهي برأيي قضية وجودنا وديمومة بقائنا، هذا إذا نظرنا بعيون حادّة الى مستقبلنا البعيد. وهنا علي أن أقول معترفًا أن الموضوع دقيق، شائك وحسّاس، إذا ما تم علاجه على أساس من الانفتاح وتحكيم المنطق والنقد الذاتي المنهجي ومن ثم استخدام آلية الحوار الصريح وحتى الى أبعد حدود الصراحة والمصارحة. لذلك قرّرت أن أقتحم هذه "المقصورة" التي بناها مجتمعنا لعربياتنا منذ قرون خلت بحزمة ما أومن به من القناعات والحقائق التالية: الإبقاء على تسمية هذا الشأن الهام بقضية المرأة مضلَل ويبعد الموضوع عن جوهره الحقيقي، لأن واقع كل عربية ووضعيتها قضية العرب أجمعين!! وعليه فالمعركة لتصحيح "مسار التاريخ" مسؤولية مقدّسة وأمانة في عنق كل واحد منا!! أما المقدمة اللازمة والتي لا يمكن لنا بدونها أن نحقّق ونجذّر أي انجاز عملي شامل في هذه "الملحمة الاجتماعية المصيرية" تحتم ضرورة وجوب تحرر وتحرير الرجل العربي من اسار موروث الماضي وأصفاده لأنّه جعل من فكره ومزاجه النفسي سجنا شبه مؤبد لجموده وتقليديّته وانغلاقه على قيم اللاحريّة لنصف مجتمعنا!!! إذا قارئتي! قارئي هذه هي حقيقتنا الراسخة رسوخ أعلى وأكبر الجبال، وحان الوقت، نعم حان أن نقولها عاليا وعلانية إذا أردنا لمجتمعنا تغييرا ثوريا شاملا يلائم ويتماشى مع واقع عصرنا الجديد، عصر التكنولوجيا وثورة وسائل الاتصال والعولمة وصراع الحضارات والهويات القومية. علينا أن نتوقف عن التشدّق بما نسميه "إنجازات المرأة" ومن ثم نقوم بوضع الحلول الحقيقية التي تكفل لنا استثمار كل طاقاتنا الهائلة في بناء "مدينتنا" البديلة وبدايتها في إعادة اللحمة والتلاحم لكياننا العربي بقطبيه المرأة والرجل والذي لا حياة للواحد منهما بدون الآخر.
الأربعاء 30/1/2019 |