غانتس يركض نحو لاهاي!عودة بشارات
ما الذي ينقص بني غانتس، رئيس حزب المنعة لإسرائيل، والمرشح الجدي لرئاسة الحكومة؟ فهو لديه وجه جميل وابتسامة ساحرة وقامة طويلة وحتى الشيب في شعره يذكر بشقاوة متجددة. إذا كان الأمر كذلك فلماذا يعود ويربط نفسه بجهنم غزة في الأفلام القصيرة للدعاية الانتخابية التي قام بإصدارها؟ ربما أخطأ غانتس في العنوان، لذلك من المهم تذكيره أن الأمر يتعلق بالركض نحو كرسي رئاسة الحكومة وليس بمسابقة للقتل الجماعي تعطي مكانة محترمة في لاهاي. أو هل يطبق غانتس في اللاوعي المقولة المعروفة وهي أن المجرم يعود دائماً إلى موقع الجريمة؟ ولكن غانتس في اللهجة الإسرائيلية ليس مجرماً بل بطلاً. فهو بالإجمال فعل ما فعله أسلافه الذين لم يكونوا مثله أذكياء وحذرين. في هذه المناسبة الاحتفالية لإحصاء عدد القتلى الفلسطينيين، أود الهمس في أذن غانتس بأن تنظيم داعش المتوحش ليس أكثر قتلاً أو وحشية من أنظمة حاكمة أخرى في المنطقة وفي العالم. كثير من الأنظمة الأخرى نفذت تطهيراً عرقياً وحتى إبادة شعب، والعالم صمت. وكل ذلك لأنهم لم يتفاخروا بأفعالهم. لقد قتلوا أعداداً ضخمة، في حين أنهم في أفلام الدعاية التي أصدروها عرضوا أطفالاً سعداء وهم يلعبون في أحضان الطبيعة. داعش في المقابل اختار التفاخر بأفعاله. هذا هو الفرق. وبهذا فإن داعش كتل كل العالم ضده. في حين أنه في كل ما يتعلق بالسعودية مثلاً التي هي الأب الروحي لداعش، يصمتون إزاء جرائمها الفظيعة. وبعد قتل جمال الخاشقجي بدأ العالم يستيقظ، باستثناء الولايات المتحدة بالطبع. ولكن لماذا نذهب بعيداً. أنا ابن قرية معلول في الجليل، التي هدم جميع بيوتها في أعقاب أحداث العام 1948 ولم يبق حتى صورة واحدة، على الأقل للذكرى، من هدمها وهدم 500 قرية أخرى في حينه. بالعكس، من يزور الآن معلول سيرى مشهداً ساحراً، بقايا القرية تم تغطيتها بخضرة كثيفة تذكر بالمناظر في أوروبا. لذلك، أسمح لنفسي بأن أقول لغانتس: إن سعادة الدمار والقتل يجب أن تبقى عميقاً في الداخل. صحيح أنه من الصعب ضبط النفس إزاء هذه النتائج، لكن الآن بدلاً من أن يكسر رجال القانون رؤوسهم في التحقيقات والأدلة، سيعرضون بكل بساطة الأفلام القصيرة له أمام قضاة المحكمة الدولية في لاهاي. أنا لا أعرف إذا كان غانتس هو الذي وضع خط هذه الدعاية، لكن من الواضح أن مستشاريه الكبار فحصوا ماذا يريد الشعب، ووفقاً لذلك بنوا هذه الاستراتيجية المتوحشة: عرض الدمار الكبير في غزة، أطلال حقيقية، القتلى، الذين تم عرضهم بسرعة كبيرة من الأرقام بسبب ضيق الوقت، فمع وجود 1364 قتيلاً لا يمكن عرض كل عملية قتل على حدة، والجمهور المتحمس لرؤية الأفعال لا يرى النتيجة. إذاً كيف سيعرف غانتس أن كل هؤلاء القتلى إرهابيون؟ حسب «بتسيلم» فإن 1391 شخصاً، 63 في المئة من بين الـ 2202 فلسطيني الذين قتلهم الجيش الإسرائيلي في عملية الجرف الصامد، لم يكونوا مشاركين في القتال. 526 شخصاً منهم، أي ربع عدد القتلى، كانوا من الأطفال. يبدو أن غانتس يتبنى تعريف وزير الأمن الداخلي، جلعاد اردان، لمفهوم «إرهابي». حسب تعريف اردان حتى أيمن عودة رئيس القائمة المشتركة يشمله هذا التعريف. إذا كان الأمر هكذا فإن طفل عمره يوم هو «إرهابي» أيضاً. أخيراً، بعد هذه المشاهد الفظيعة التي تذكر بالأطلال في أوروبا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، يقدم غانتس التحلية: هو غير مستعد لأن يعيش جيل بدون أمل هنا. حقاً، يا جنرال غانتس؟ هل بعد عدد القتلى الذي يزداد أكثر فأكثر والبيوت المهدمة، بقيت ذرة أمل؟ بعد هذه المشاهد ـ إذا حافظ الناس على عقولهم، فإن هذا يعتبر إنجازاً. هآرتس الأربعاء 30/1/2019 |